للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٧٩ - تَظَلُّ يَوْمَكَ فِي لَهْوٍ وَفِي طَرَبٍ... وَأنْتَ بِاللَّيْلِ شَرّابُ الخَراطِيمِ (١)

قوله: {إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ} يعني أهل مكة؛ أي: اخْتبَرْناهُمْ وامْتَحَنّاهُمْ بالقَحْطِ والجُوعِ حتى أكَلُوا الجِيَفَ والرِّمَمَ {كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ} يعني البستان التِي في اليمن {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ (١٧)}.

والمَعْنِيُّ بالآية قوم من ثَقَيفٍ، كانوا باليمن مُسْلِمِينَ، وَرِثُوا من أبيهم ضَيْعةً فيها زَرْعٌ ونَخِيلٌ، وكان أبوهم يجعل مِمّا فيها نصيبًا للمساكين، فلما وَرثُوها حَرَمُوا المساكينَ، فصارت عاقبتهم إلى ما قَصَّ اللَّه فِي كتابه، وهو قوله: {إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} (٢) يعني النخيل، حَلَفُوا لَيَقْطَعُنَّ ثَمَرَها إذا أصبحوا قبل أن يعلم المساكينُ، واللام لام القَسَمِ، ونصب {مُصْبِحِينَ} على الحال.

قوله: {وَلَا يَسْتَثْنُونَ (١٨) أي: لَمْ يقولوا: إنْ شاءَ اللَّهُ {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ (١٩)} قال ابن عباس (٣): أحاطَتْ بها النارُ فاحترقت، وقال مقاتل (٤): بَعَثَ اللَّهُ نارًا بالليل على جَنَّتِهِمْ، فَأحْرَقَتْها حتى صارت سَوْداءَ، فذلك قوله: {فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ (٢٠)} يعني: كالليل المظلم -والصريم: الظُّلْمةُ- لِسَوادِها بالحَرْقِ (٥)، قال الشاعر:


(١) البيت من البسيط، للأعرج المُعَنَّى.
التخريج: عين المعانِي ورقة ١٣٦/ أ، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٣٨، البحر المحيط ٨/ ٣٠٠، الدر المصون ٣٥٤، اللباب في علوم الكتاب ١٩/ ٢٨٣، فتح القدير ٥/ ٢٦٩، روح المعانِي ٢٩/ ٢٩.
(٢) ينظر: شفاء الصدور ورقة ١٥٤/ ب، الكشف والبيان ١٠/ ١٦، زاد المسير ٢٣٥، الوسيط ٤/ ٣٣٧.
(٣) ينظر قوله في الوسيط ٤/ ٣٣٧.
(٤) المصدر السابق.
(٥) كذا بالأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>