للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو موسى الأشْعَرِيُّ: "يُعْرَضُ الناسُ ثَلاثَ عَرَضاتٍ، فأما عَرْضَتانِ فَجِدالٌ وخُصُوماتٌ ومَعاذِيرُ، وأما العَرْضةُ الثالثة فَعِنْدَ ذلك تَتَطايَرُ الصُّحُفُ في الأيْدِي، فآخِذٌ بيَمِينِهِ وآخِذٌ بِشِمالِهِ" (١)، وذلك قوله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ} هذه "ها" التنبيه؛ أي: هاكُمْ (٢)، وقيل: تَعالَوْا {اقْرَءُوا كِتَابِيَه (١٩)} يعني: حَسَناتِيَهْ، وهذه أيضًا هاء الوقف، وتسمى أيضًا هاء السَّكْتِ في الاستراحة، قال ابن السِّكِّيتِ (٣): يقال: هاءِ يا رَجُلُ، وهاؤُما يا رَجُلَانِ، وهاؤُمْ يا رِجالُ.

{إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ (٢٠) أي: عَلِمْتُ وأيْقَنْتُ فِي الدنيا أنِّي مُحاسَبٌ فِي الآخرة، والظَّنُّ يستعمل فِي اللغة بمعنى اليقين، ويستوي اللفظُ


(١) رواه الإمام أحمد بسنده عن أبِي موسى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في المسند ٤/ ٤١٤، وابن ماجَهْ في سننه ٢/ ١٤٣٠ كتاب الزهد: باب ذِكْرِ المَبْعَثِ، وينظر: جامع البيان ٢٩/ ٧٤، الكشف والبيان ١٠/ ٣٠، عين المعانِي ورقة ١٣٧/ أ.
(٢) "ها" هنا هي اسم الفعل، وليست للتنبيه كما قال؛ لأنها لو كانت للتنبيه لكانت حرفا، وإنما قال الجِبْلِيُّ: "هذه "ها" التنبيه "مُتابِعًا في ذلك صاحِبَ كتاب الجمل المنسوب للخليل ص ٢٦٨، وقال ابن قتيبة: "ها" بِمَنْزِلةِ "خُذْ" و"تَناوَلْ"، تقول: ها يا رَجُلُ، وتَأْمُرُ بها ولا تَنْهَى، ومنها قول اللَّه تعالى: {هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}، ويقال للاثنين: هاؤُما اقْرَآ، وفيها لغات، والأصل: هاكُمْ اقْرَءُوا، فحذفوا الكاف، وأبدلوا الهمزة، وألقوا حركة الكاف عليها". تأويل مشكل القرآن ص ٥٥٤، وقال أيضًا: {فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ}، يقال: بمعنى هاكُم اقرءوا كتابيه، أبدلت الهمزة من الكاف ". غريب القرآن ص ٤٨٤، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢١٧، الأصول لابن السراج ٢/ ١٣١، ١٣٢، إعراب القرآن للنحاس ٥/ ٢٢، حروف المعانِي ص ٧٣، سر صناعة الإعراب ص ٣١٨، ٣١٩، الصحاح ١/ ٨٤، ٨٥، الصاحبي ص ٢٨٠، شرح الكافية للرضي ٣/ ١٧٣، ١٧٤، مغني اللبيب ص ٤٥٥.
(٣) إصلاح المنطق ص ٢٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>