للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحقيقته فيه، ويُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الشَّكِّ، قال أهل اللغة (١): الظَّنُّ من الأضداد، يكون يقينا ويكون شَكًّا، كالرَّجاءِ يكون أمَلًا ويكون خَوْفًا، وأما في عُرْفِ الشَّرْعِ فقد قال في اللُّمَعِ (٢): الظَّنُّ: تَجْوِيزُ أمْرَيْنِ أحَدُهُما أظْهَرُ من الآخر، والشَّكُّ: تَجْوِيزُ أمْرَيْنِ لا مَزِيّةَ لأحدهما على الآخر، وقيل: الظَّنُّ: تَعارُضُ احتمالَيْنِ أحَدُهُما أظْهَرُ من الآخر.

قيل (٣): نزلت هذه الآية في أبِي أسْلَمَ بن عبد اللَّه المخزومي، وقيل (٤): في أبِي سَلَمةَ بن عبد الأسَدِ (٥) زَوْجِ أُمِّ سَلَمةَ.


(١) قال قطرب: "وقال ابن مقبل:
ظَنِّي بِهِمْ كَعَسَى، وَهُمْ بِتَنُوفةٍ... يَتَنازَعُونَ جَوائِزَ الأمْثالِ
قوله: ظَنِّي بِهِمْ؛ أي: يَقِينِي بهم، فذلك ضِدٌّ أيضًا، يكون الظن شَكًّا أو يقينًا. . . وقال، جل ثناؤه-: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ}، وقال في آية أخرى: {ظَنَنتُ أَنِّى مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ}، فهذا يقينٌ، ولو كان ذلك شَكًّا لَمْ يَجُزْ في ذلك المعنى، وكان كُفْرًا، ولكنه يَقِينٌ". الأضداد ص ٧٠ - ٧١.
وذكر ابن الأنباري أنه من الأضداد، ثم قال: "وقال أبو العباس: إنما جاز أن يقع الظن على الشك واليقين لأنه قولٌ بالقلب، فإذا صحت دلائل الحق، وقامت أماراته كان يقينًا، وإذا قامت دلائل الشك، وبطلت دلائل اليقين، كان كَذِبًا، وإذا اعتدلت دلائل اليقين والشك كان على بابه شَكًّا لا يَقِينًا ولا كَذِبًا". الأضداد ص ١٦، وينظر: الأضداد لأبِي الطيب اللغوي ص ٤٦٦ - ٤٧٣.
(٢) يعني الإمام أبا إسحاقَ إبراهيمَ بن عَلِيٍّ الشِّيرازِيَّ المتوفَّى سنة (٤٧٦ هـ)، وانظر ما قاله في اللمع في أصول الفقه للشيرازي ص ٣، وشرح اللمع له ١/ ١٥٠.
(٣) ينظر: زاد المسير ٨/ ٣٥٢، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٧٠.
(٤) قاله الفراء في معانِي القرآن ٣/ ١٨٢.
(٥) هو عبد اللَّه بن عبد الأسد بن هلال المخزومي أخو النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في الرضاع وابن عمته، كان من السابقين، شهد بدرا، وتُوُفِّيَ بعد أُحُدٍ سنة (٤ هـ). [أسد الغابة ٣/ ١٩٥، الإصابة ٤/ ١٣١].

<<  <  ج: ص:  >  >>