للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنى قوله: {دَائِمُونَ}، وليس المراد أنهم يُصَلُّونَ أبَدًا، رُوِيَ ذلك عن عُقْبةَ بن عامِرٍ (١)، واختاره الزَّجّاجُ (٢).

والمَعْنِيُّ بِهَذا الاستثناء قيل: هم الصحابة خاصّةً، وقيل: هم المؤمنون عامّةً، وإنما استثنى الجمع من الواحد لأن الإنسان اسم الجنس، فهو فِي معنى الجمع.

وما بعد هذا ظاهر التفسير إلى قوله: {وَالَّذِينَ هُمْ بِشَهَادَاتِهِمْ قَائِمُونَ (٣٣)} وقُرِئَ: "بِشَهاداتِهِمْ" (٣)، والإفراد أوْلَى؛ لأنه مصدر، ومَنْ جَمَعَ ذهب إلَى اختلاف الشهادات، والمعنى أنهم يقومون فيها بالحق ولا يكتمونها.

قوله تعالى: {فَمَالِ الَّذِينَ كَفَرُوا قِبَلَكَ مُهْطِعِينَ (٣٦) أي: فَما بالُهُمْ؟ نزلت هذه الآية (٤) في جماعة من الكفار جلسوا حول النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، يَسْتَهْزِئُونَ بالقرآن، ويُكَذِّبُونَ به، فقال اللَّه تعالى: ما لَهُمْ ينظرون إليك يا محمد ويجلسون عندك وهم لا ينتفعون بما يسمعون؟

ونصب {قِبَلَكَ} على الظرف، وقد مضى تفسير الإهْطاعِ في سورة


(١) رَوَى الطَّبَرِيُّ بسنده عن عقبة بن عامر، رحمه اللَّه، قال: "هُم الذين إذا صَلَّوْا لَمْ يَلْتَفِتُوا خَلْفَهُمْ ولا عن أيمانهم ولا عن شَمائِلِهِمْ". جامع البيان ٢٩/ ٩٨، وينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٤٠، تفسير القرطبي ١٨/ ٢٩١.
(٢) معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٢٢.
(٣) قرأ ابن كثير ونافع وابن عامر وأبو عمرو وحمزة والكسائي، وأبو بكر عن عاصم: "بِشَهادَتِهِمْ" بالإفراد، وقرأ الباقون، وحَفْصٌ عن عاصم، وعباسٌ عن أبِي عمرو، والحُلْوانِيُّ عن أبي مَعْمَرٍ عن عبد الوارث عن أبِي عمرو: "بِشَهاداتِهِمْ" بالجمع، ينظر: السبعة ص ٦٥١، إعراب القراءات السبع ٢/ ٣٩٣، البحر المحيط ٨/ ٣٢٩.
(٤) ينظر: الوسيط ٤/ ٣٥٤، زاد المسير ٨/ ٣٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>