للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماوات والأرض (١)؟ وهو قوله: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا (١٤)} يعني ألْوانًا طَوْرًا بعد طَوْرٍ، وقيل: أحوالًا، حالًا بعد حالٍ، نُطْفةً ثُمَّ عَلَقةً ثُمَّ مُضْغةً ثُمَّ لَحْمًا ثُمْ عَظْمًا، شيئًا بعد شَيْءٍ إلَى تَمامِ الخَلْقِ حَتَّى صِرْتُمْ شِيبانًا وشَبابًا وشُيُوخًا.

قال ابن الأنباري (٢): الطَّوْرُ: الحال، والطَّوْرُ أيضًا: التّارةُ والمَرّةُ، وجمعه: أطْوارٌ. وهو نصب على الحال (٣).

قوله {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥)} بعضها فوق بعض، وهو مصدر (٤)، وقيل (٥): نعت لـ {وسَبْعَ}، وأجاز الفَرّاءُ في غير القرآن خَفْضَ طِباقٍ على النعت لـ {سَمَاوَاتٍ} (٦)، وقد تقدم نظيرها في سورة "تَبارَكَ" (٧).

قوله: {وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا} يعني: في سَماءِ الدنيا، وهو جائز في كلام


(١) قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٢٩.
(٢) قال ابن الأنباري: "طَوْرًا معناه: مَرّةً، وجمعه أطْوارٌ، وقال قوم: الطَّوْرُ: الحالُ، قال اللَّه عز وجل: {وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا} أراد: على حالاتٍ وضُرُوبٍ مُخْتَلِفةٍ". شرح القصائد السبع ص ٣٤٣ - ٣٤٤.
(٣) ويجوز أن يكون مفعولًا ثانيًا لـ {خَلَقَ} على تضمينه معنى جَعَل، قاله المنتجب الهمدانِيُّ في الفريد للهمداني ٤/ ٥٣٤، ٥٣٥.
(٤) أي: أنه مصدر من معنى "خَلَقَ"، والمعنى: طابَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقًا، وهذا قول النحاس ومَكِّيِّ، ينظر: إعراب القرآن ٥/ ٣٩، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤١١.
(٥) قاله الفراء في معانِي القرآن ٣/ ١٨٨، وهو قولٌ آخَرُ للنحاس، قاله في إعراب القرآن ٥/ ٣٩.
(٦) قال الفراء: "ولو كان {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا} بالخفض كان وجهًا جَيِّدًا، كما تُقْرَأُ: {ثِيابُ سُنْدُسٍ خُضْرٍ} و {خُضْرٌ}. معانِي القرآن ٣/ ١٨٨، وقد قرأ ابن أبِي عبلة وزيد بن عَلِيٍّ: "سَبْعَ سَماواتٍ طِباقٍ" بالخفض، ينظر: شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة ٢٥٠، المحرر الوجيز ٥/ ٣٧٥.
(٧) في الآية رقم ٣، ٣/ ٤٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>