للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السماء السابعة عند عرش الرحمن، ولو كانت في السماء الدنيا لَما قامَ لَها شَيْءٌ" (١).

قوله: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧)} كان حقه: إنْباتًا، ولكنه مصدرٌ مخالف للصدر، وقال الخليل (٢): مجازه: فنَبَتُّمْ نَباتًا. والمعنى: أنه خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابِ الأرض، فَنَبَتُّمْ نَباتًا، يعني: خَلْقًا، {ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا} بعد الموت إذا مِتُّمْ {وَيُخْرِجُكُمْ} منها بعد النَّفْخةِ الآخِرةِ للبعث {خْرَاجًا (١٨)} أحياءً {وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (١٩)} مِهادًا تَحْمِلُكُمْ أحْياءً وتَسْتُرُكُمْ أمْواتًا، والمعنى: أنه تعالى بَسَطَها لِخَلْقِهِ، فجعلها ذَلُولًا وفِراشًا لَهُمْ، قيل: إنها بُسِطَتْ مِنْ تَحْتِ الكَعْبةِ مسيرة خمسمائة عام؛ {لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا (٢٠)} السُّبُلُ: الطُّرُقُ واحدها سَبِيلٌ، والسَّبِيلُ يذكر ويؤنث، وقوله: {فِجَاجًا} يعني: طُرُقًا أيضًا واسعةً مختلفة بين الجبال والرمال، واحدها: فَجٌّ.

{قَالَ نُوحٌ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي} ولَمْ يُجِيبُوا دَعْوَتِي {وَاتَّبَعُوا مَنْ لَمْ يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلَّا خَسَارًا (٢١)} ضلالًا في الدنيا، وعقوبةً في الآخرة، يعني الرؤساء والأشراف.

قرأ نافع وابن عامر وعاصم: "وَلَدُهُ" بفتح الواو واللام، وقرأ الباقون:


(١) ينظر: شفاء الصدور ورقة ١٦٩/ أ، الكشف والبيان ١٠/ ٤٥، تفسير القرطبي ١٨/ ٣٠٥.
(٢) ينظر: الجمل المنسوب للخليل ص ١١٦، ونصه: "وأما قول اللَّه عز وجل: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا}؛ أي: أنْبَتَكُمْ فنَبَتُّمْ نَباتًا"، وقد ذكر سيبويه ذلك في باب ما جاء المصدر فيه على غير الفعل؛ لأن المعنى واحد، حيث قال: "وقال اللَّه، تبارك وتعالى: {وَاللَّهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا}؛ لأنه إذا قال: أنْبَتَهُ فكأنه قال: قد نَبَتَ". الكتاب ٤/ ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>