للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا} يعني: جاهِلُنا، وقيل: إبليس {عَلَى اللَّهِ شَطَطًا (٤)} يعني: كَذِبًا وجَوْرًا، وقيل: عُدْوانًا وقَوْلًا عَظِيمًا بأن للَّه شَرِيكًا، وهو منصوب على المصدر (١)، وقيل (٢): بوقوع القول عليه، وأصل الشَّطَطِ البُعْدُ، أي: ما يَبْعُدُ عن صفاته، من: شَطَّتِ الدّارُ: إذا بَعُدَتْ، والسَّفَهُ: رِقّةُ الحِلْمِ، وثَوْبٌ سَفِيهٌ، أي: رَقِيقٌ.

{وَأَنَّا ظَنَنَّا}؛ أي: حَسِبْنا {أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا (٥)} كُنّا نَظُنُّهْمْ صادقين بأن للَّه شريكًا وصاحبةً ووَلَدًا، حتى سَمِعْنا القُرْآنَ.

قوله: {وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا (٦)} يعني إثْمًا وأشَرًا وسَفَهًا وظُلْمًا، وقيل: ضلالةً، وقيل: خطيئةً، وقيل: طُغْيانًا، وقيل: خوفًا، وهو مفعولٌ ثانٍ، والرَّهَقُ في كلام العرب: الإثْمُ وغِشْيانُ المَحارِمِ، ورَجُلٌ راهِقٌ: إذا كان كذلك (٣)، قال الأعشى:

٤٠٣ - لَا شَىْءَ يَنْفَعُنِي مِنْ دُونِ رُؤْيَتِها... هَلْ يَشْتَفِي عاشِقٌ ما لَمْ يُصِبْ رَهَقا (٤)


(١) قال الزجاج في قوله تعالى: "لَقَدْ قُلْنا إذًا شَطَطًا"، قال: "وشَطَطًا: منصوب على المصدر، المعنى: لقد قلنا إذًا قَوْلَ شَطَطِ". معانِي القرآن وإعرابه ٣/ ٣٧١، ٣٧٢، ويرى الأنباريُّ والعُكْبَرِي أنه صفة لِمصدر محذوف؛ أي: قَوْلًا شَطَطًا، ينظر: البيان للأنباري ٢/ ١٠١، التبيان للعكبري ص ٨٣٩، وينظر أيضًا: الفريد للهمدانِي ٤/ ٥٤٢.
(٢) هذا قول آخر للأنباري والعكبري، انظر: البيان للأنباري ٢/ ١٠١، التبيان للعكبري ص ٨٣٩.
(٣) قاله الليث والأصمعي، ينظر: تهذيب اللغة ٥/ ٣٩٧، ٣٩٨، الكشف والبيان ١٠/ ٥١، اللسان: رهق.
(٤) البيت من البسيط، للأعشى، ورواية ديوانه: "هَلْ يَشْتَفِي وامِقٌ".
التخريج: ديوانه ص ٤١٥، جامع البيان ٢٩/ ١٣٦، الكشف والبيان ١٠/ ٥١، المحرر الوجيز ٥/ ٣٨٠، مجمع البيان ١٠/ ١٤٣، عين المعانِي ورقة ١٣٨/ أ، تفسير القرطبي ١٩/ ١٠، ١٧، التبيان للطوسي ١٠/ ١٤٩، اللسان: رهق، البحر المحيط ٨/ ٣٤١، فتح القدير ٥/ ٣٠٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>