للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَأَنَّا ظَنَنَّا} عَلِمْنا وَأيْقَنّا {أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ}؛ أي: لَنْ نَفُوتَهُ إذا أراد بنا أمْرًا {وَلَنْ نُعْجِزَهُ} أن نسبقه {هَرَبًا (١٢)} إنْ طَلَبَنا، يعني: أنه يدركنا حيث كُنّا، وهو منصوب على المصدر الذي هو في موضع الحال (١)، وقيل (٢): على التفسير.

قوله: {وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا} يعني القرآن {آمَنَّا بِهِ}؛ أي: صَدَّقْنا به {فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ}؛ أي: يُصَدِّقْ به وبما جاء به رسوله محمد -صلى اللَّه عليه وسلم-، {فَلَا يَخَافُ بَخْسًا}؛ أي: نَقْصًا {وَلَا رَهَقًا (١٣) أي: ظُلْمًا في قول الفراء (٣)، وقال الأزهريُّ (٤): الرَّهَقُ: اسم من الإرْهاقِ، وهو أن يَحْمِلَ الإنسانُ على نفسه ما لا يُطِيقُ، يقال: أرْهَقْتُهُ أنْ يُصَلِّيَ؛ أي: أعْجَلْتُهُ عن الصلاة، والرَّهَقُ أيضًا: السَّفَهُ والنَّوْكُ، وهو الحُمْقُ، ورفع {يَخَافُ} على جواب الشرط بالفاء كقولك: مَنْ يُكْرِمْنِي فَأُكْرِمُهُ.

قوله تعالى: {وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ} يعني الذين آمنوا بمحمدٍ -صلى اللَّه عليه وسلم-، {وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ} الجائرون العادلون عن الحق، يقال: أقْسَطَ الرَّجُلُ فهو مُقْسِطٌ:


(١) وصاحب الحال هو ضمير الفاعل في قوله: "نُعْجِزَهُ"، وهذا قول النحاس ومَكِّيٍّ، ينظر: إعراب القرآن ٥/ ٤٩، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤١٥، وينظر أيضًا: الفريد للهمداني ٤/ ٥٤٤.
(٢) حكاه المنتجب الهمدانِيُّ بغير عزو في الفريد ٤/ ٥٤٥، وينظر: عين المعانِي ورقة ١٣٨/ أ.
(٣) معانِي القرآن ٣/ ١٩٣.
(٤) قال الأزهري: "الرهق: اسم من الإرهاق، وهو أن يُحْمَلَ عليه ما لا يُطِيقُهُ". التهذيب ٥/ ٣٩٩، وأما قوله: "يقال: أرْهَقْتُهُ أنْ يُصَلِّيَ"، فقد حكاه الأزهري عن النَّضْرِ بن شُمَيْلٍ، وأما قوله: "والرَّهَقُ أيضًا: السَّفَهُ والنَّوْكُ"، فقد حكاه الأزهري عن الشَّيْبانِيِّ في التهذيب ٥/ ٣٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>