للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقرأ يحيى والأعمش بضم الواو (١)، وقوله: {الطَّرِيقَةِ} يعني الحق والإيمان والهدى {لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا (١٦)} كثيرًا، وذلك بعدما رُفِعَ عنهم المَطَرُ سَبْعَ سِنِينَ، وقيل: لأعطيناهم مالًا كثيرًا وعَيْشًا رَغَدًا، وإنما ضَرَبَ الماءَ الغَدَقَ مَثَلًا لأن الخير كُلَّهُ والرِّزْقَ يكون بالمطر.

{لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ}؛ أي: لِنَخْتَبِرَهُمْ، فنَعْلَمَ كيف شُكْرُهُمْ فيما خُوِّلُوا {وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ} يعني القرآن {يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا (١٧)} يعني: شِدّةَ العَذاب الذي لا راحةَ فيه، وهو شرط وجزاء، قرأ الكوفيون ويعقوب وأيوبُ: {يَسْلُكْهُ} بالياء وهي الاختيار، وقرأ مُسْلِمُ بن جُنْدُبٍ (٢): "نُسْلِكْهُ بضم النون وكسر اللام، وقرأ الآخرون بفتح النون وضَمِّ اللام (٣)، وهما لغتان، يقال: سَلَكَهُ وأسْلَكَهُ بِمَعْنًى واحدٍ (٤)، ومعناه: يُدْخِلْهُ عَذابًا صَعَدًا شاقًّا، والمعنى: ذا صَعَدٍ


(١) ذكر سيبويه أنها لغة قليلة، ينظر: الكتاب ٤/ ١٥٥، وينظر أيضًا: الأصول ٢/ ٣٧٠، إعراب القرآن ١/ ١٩٢، ٥/ ٤٩، الخصائص ٣/ ١٣٢، المحتسب ٢/ ٣٣٣، تفسير القرطبي ١٩/ ١٨، البحر المحيط ٨/ ٣٤٥.
(٢) مُسْلِمُ بن جُنْدُب الهُذَلِيُّ، أبو عبد اللَّه القاضي المَدَنِيُّ، تابعي مقرئ محدث ثقة، روى عن الزبير ابن العوامً وأبي هريرة وابن عمر وغيرهم، كان قاضيَ أهل المدينة، ويقضي بغير أجر، كان من فصحاء الناس، وهو الذي أدَّبَ عمرَ بن عبد العزيز، توفِّي سنة (١٥٦ هـ). [غاية النهاية ٢/ ٢٩٧، تهذيب الكمال ٢٧/ ٤٩٥ - ٤٩٦].
(٣) قرأ عاصم وحمزة والكسائي ويعقوب وخلف والأعمش: "يَسْلُكْهُ" بالياء، وقرأ مسلم ابن جندب وطلحة والأعرج: "نُسْلِكْهُ" بضم النون وكسر اللام، وقرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وابن عامر: "نَسْلُكْهُ" بفتح النون وضم اللام، ينظر: السبعة ص ٦٥٦، تفسير القرطبي ١٩/ ١٩، البحر المحيط ٨/ ٣٤٥، الإتحاف ٢/ ٥٦٦.
(٤) قاله أبو عبيدة وأبو عبيد وابن الأعرابِيِّ، ينظر: مجاز القرآن ١/ ٣٤٧، وقول أبِي عبيد وابن الأعرابِيِّ في تأويل مشكل القرآن ص ٤٣٢، إعراب القرآن للنحاس ٥/ ٥١، تهذيب اللغة ١٠/ ٦٣، الصحاح ٤/ ١٥٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>