للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ذكر أنه يحفظ ذلك الذي يُطْلِعُ عليه الرسولَ، فقال: {فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا (٢٧) أي: يجعل بين يديه وخَلْفَهُ رَصَدًا من الملائكة؛ أي: حَفَظةً يحفظون الوحي من الشياطين واستماع الجن، لِئَلّا يَسْتَرِقُوهُ فَيُلْقُوهُ إلى كَهَنَتِهِمْ.

وقال مقاتل وغيره (١): كان اللَّه تعالى إذا بعث رسولًا أتاه إبليسُ في صورة جبريل يخبره، فبعث اللَّه تعالى مِنْ بين يديه ومن خلفه رَصَدًا من الملائكة، يحيطون بالرسول ويحرسونه ويطردون عنه الشياطين، فلما جاء الشيطان في صورة مَلَكٍ قالوا: هذا شَيْطانٌ فاحْذَرْهُ، وإذا جاءه مَلَكٌ قالوا: هذا رَسُولُ رَبِّكَ.

ونصب {رَصَدًا} على المصدر؛ أي: يَرْصُدُونَهُ رَصَدًا (٢)؛ {لِيَعْلَمَ} قرأ ابن عباس ويعقوب بضم الياء (٣)؛ أي: ليعلم الناس أن الرسل {قَدْ أَبْلَغُوا رِسَالَاتِ رَبِّهِمْ} وقرأ الآخرون بفتح الياء؛ أي: لِيَعْلَمَ الرَّسُولُ محمدٌ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن الرُّسُلَ قبله قد أبْلَغُوا رسالات ربهم كما بَلَّغَ هُوَ (٤)، إذْ كانوا محروسين من الشياطين.


(١) وهو قول ابن زيد والضحاك وقتادة أيضًا، ينظر: جامع البيان ٢٩/ ١٥١، الكشف والبيان ١٠/ ٥٦، عين المعانِي ورقة ١٣٨/ ب، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٩.
(٢) وقال العكبري: "ورَصَدًا مفعول "يَسْلُكُ" أي: ملائكةً رَصَدًا". التبيان ص ١٢٤٥، وينظر أيضًا: الفريد للهمدانِيِّ ٤/ ٥٤٨.
(٣) قرأ ابن عباس ويعقوب وزيد بن عَلِىٍّ ورُوَيْسٌ وحُمَيْدٌ ومجاهدٌ: "لِيُعْلَمَ" بضم الياء، ينظر: تفسير القرطبي ١٩/ ٣٥، البحر المحيط ٨/ ٣٤٩، الإتحاف ٢/ ٥٦٧.
(٤) قاله قتادة ومقاتل والفراء وابن قتيبة والطبري والزجاج، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ١٩٦، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٤٩٢، جامع البيان ٢٩/ ١٥٢، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٣٨، زاد المسير ٨/ ٣٨٦، تفسير القرطبي ١٩/ ٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>