للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي تُوعِدُنا به يا محمد؟ فأنزل اللَّه تعالى: {قُلْ إِنْ أَدْرِي}؛ أي: ما أدري {أَقَرِيبٌ مَا تُوعَدُونَ} ابتداء وخبر، يعني: من العذاب، وقيل: القيامة {أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَدًا (٢٥)} أجَلًا وغايةً وبُعْدًا، قال عطاء: يريد أنه لا يعرف متى يوم القيامة إلّا اللَّهُ وَحْدَهُ.

والمعنى: أنَّ عِلْمَ وَقْتِ العَذابِ غَيْبٌ، ولا يعلمه إلا اللَّه، وذلك قوله: {عَالِمُ الْغَيْبِ} يعني: غيب كل شيء، لا يعلم ذلك غيره {فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا (٢٦) أي: فلا يُطْلِعُ على الغيب الذي يعلمه أحَدًا من الناس.

ثم استثنى، فقال: {إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِنْ رَسُولٍ} يعني جبريل عليه السلام، وقيل (١): يعني الرسل؛ لأنه يُسْتَدَلُّ على نُبُوَّتهِمْ بالآية المُعْجِزةِ بِأنْ يُخْبِرُوا بالغيب، والمعنى: إلّا من ارتضاه للنبوة والرسالة، فإنه يَصْطَفِيهِ ويُطْلِعُهُ على ما يشاء أنْ يُطْلِعَهُ عليه من غَيْبِهِ.

وفي هذه الآية دليل على أن من إدَّعَى أن النجوم تَدُلُّهُ على ما يكون من حادث، فقد كفر بما في القرآن (٢).

و {عَالِمُ الْغَيْبِ} رفع على نعت الرب تعالى، وقيل: معناه: هو عالِمُ الغَيْبِ، و {مَنِ} في موضع نصب على الاستثناء (٣).


(١) قاله الزجاج والنقاش، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٣٧، شفاء الصدور ورقة ١٧٤/ ب، وينظر أيضًا: الوسيط ٤/ ٣٦٩.
(٢) قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٣٧، وينظر أيضًا: الوسيط ٤/ ٣٦٩، زاد المسير ٨/ ٣٨٥.
(٣) يعني أن "مَنْ" مستثنًى من قوله: "أحَدًا"؛ لأنه بمعنى الجماعة، قاله النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٥٤، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>