للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ} إنْ عَصَيْتُهُ لَمْ يمنعني منه أحَدٌ {وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا} يعني: مَلْجَأً وجِوارًا وحِرْزًا أميل إليه، والمُلْتَحَدُ معناه في اللغة: مَمالٌ، والمعنى: موضعا أمِيلُ إليه في الالتجاء (١)، {إِلَّا بَلَاغًا مِنَ اللَّهِ وَرِسَالَاتِهِ} فإن فيه الجِوارَ والنَّجاءَ والأمانَ، ونصب {بَلَاغًا} على الاستثناء المنقطع (٢).

قال مقاتل: قال كفار قريش للنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- إنك أتَيْتَ بِأمْرٍ عَظِيمٍ لَمْ نسمع بمثله، وقد عادَيْتَ النّاسَ كُلَّهُمْ، فارجع عن هذا الأمر، فنحن نُجِيرُكَ، فأنزل اللَّه تعالى هذه الآيات (٣).

قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ} يريد: في التوحيد {فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ} جواب الشرط {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا (٢٣) حَتَّى إِذَا رَأَوْا مَا يُوعَدُونَ} يعني: من العذاب يوم القيامة {فَسَيَعْلَمُونَ} عند نزول العذاب {مَنْ أَضْعَفُ نَاصِرًا} هُمْ أم المؤمنون؟ {وَأَقَلُّ عَدَدًا (٢٤)} يعني: جُنْدًا، ونصب {خَالِدِينَ} على الحال، و {أَبَدًا} على الظرف، و {نَاصِرًا} و {عَدَدًا} على التفسير.

فلما سمعوا هذا، يعني: كفار قريش، قال النضر بن الحارث: ما هذا


(١) قاله النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٥٣، وينظر: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ٩٥، والمَمالُ: مصدر مالَ يَمِيلُ مَيْلًا ومَمالًا ومَمِيلًا. اللسان: ميل.
(٢) قاله الفراء في معاني القرآن ٣/ ١٩٥، وذهب الزجاج إلى أنه استثناء متصل، فقال: "ونصب "بَلَاغًا" على البدل من قوله: "مُلْتَحَدًا"، المعنى: وَلَنْ أجِدَ مِنْ دُونِهِ مَنْجًى إلّا بَلَاغًا". معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٣٧، وينظر أيضًا: الكشاف ٤/ ١٧١، البيان للأنباري ٢/ ٤٦٧، الفريد للهمداني ٤/ ٥٤٦، ٥٤٧، الدر المصون ٦/ ٣٩٧.
(٣) ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٥٦، مجمع البيان ١٥/ ١٥٢، عين المعاني ورقة ١٣٨/ ب، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>