للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا (١٠)} لا جَزَعَ فيه، وهذه الآية نَسَخَتْها آيةُ القتال (١).

قوله: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ}؛ أي: خَلِّ بَيْنِي وبينهم، فإن قيل: ما معنى قوله: {وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ}، واللَّهُ تعالى يفعل ما يشاء لا يَحُولُ بينه وبين ما أراده شَيْءٌ ولا حائِلٌ دونه؟ قيل: إن العرب إذا أرادت أن تأمر الإنسان بإزالة هَمِّهِ تقول: ذَرْنِي فَإنِّي أكْفِيكَهُ، وكذلك قوله: {ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيدًا} (٢)، يعني الوليد بن المغيرة بن عبد اللَّه المخزومي، ونصب "المُكَذِّبِينَ" عطفًا على النون والياء أو مفعول معه (٣).

وقوله: {أُولِي النَّعْمَةِ} يعني: ذَوِي الغِنَى وكثرة المال، وإنما كُتْبَتْ {أُولِي} بزيادة واو بعد الألف فَرْقًا بينه وبين "إلى" (٤)، {وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلًا (١١)} تهديد ووعيد، نزلت هذه الآية في صناديد قريش المكذبين المستهزئين، قالت عائشة -رضي اللَّه عنها-: "لَمّا نَزَلَتْ هذه الآيةُ لَمْ يَكُنْ إلا يَسِيرًا حتى كانت وَقْعةُ بَدْرٍ" (٥).


(١) قاله قتادة، ينظر: الناسخ والمنسوخ ص ٦٢، نواسخ القرآن ص ٢٤٨، زاد المسير ٨/ ٣٩٢، تفسير القرطبي ١٩/ ٤٥.
(٢) المدثر ١١. وهذا قول الزجاج فِي معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٤١، وينظر: شفاء الصدور ورقة ١٧٦/ ب، ١٧٧/ أ.
(٣) هذا الوجه والذي قبله قالهما النحاس ومَكِّيٌّ، ينظر: إعراب القرآن ٥/ ٥٨، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٢٠.
(٤) قاله النحاس في إعراب القرآن ٥/ ٥٨، وقال ابن الحاجب: "وَزادُوا في {أُولِي} واوًا فَرْقًا بينه وبين "إلى"، وأجري {أُولُو} عليه". شرح الكافية للرضي ٣/ ٣٢٧، وينظر: شرح الشافية للجاربردي ٢/ ٢٧٤.
(٥) رواه الحاكم في المستدرك ٤/ ٥٩٥ كتاب الأهوال: باب "ضِرْسُ الكافر يوم القيامة مثل أُحُدٍ"، وينظر: مسند أبِي يعلى ٨/ ٥٦، الوسيط ٤/ ٣٧٥، مجمع الزوائد ٧/ ١٣٠ كتاب التفسير: سورة المزمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>