للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُخَوِّفُكُمْ بِخَزَنةِ جَهَنَّمَ، وزعم أنهم تِسْعةَ عَشَرَ، وأنتم الدُّهْمُ، أفَيُعْجِزُ كُلَّ مِائةٍ منكم أن يَبْطِشُوا بِرَجُلٍ من خَزَنةِ جهنم، فتخرجوا منها؟، قال أبو الأشَدَّيْنِ -واسمه: أُسَيْدُ بن كَلَدةَ بنِ أُسَيْدِ بنِ خَلَفٍ الجُمَحِيُّ (١) -: يا معشر قريش: إذا كان يومُ القيامة فأنا أمشي بين أيديكمِ على الصراط، فَأدْفَعُ عَشْرةً بِمَنْكِبِي الأيْمَنِ وَتسْعةً بِمَنْكِبِي الأيْسَرِ في النار، ونَمْضِي نَدْخُلُ الجَنّةَ (٢).

وقيل (٣): إنه قال لأبِي جهل: بل أنا أكفيك تسعةً على ظهري، وثمانيةً على صدري، واكْفُونِي أنتم اثنين، وإنما سُمِّيَ أبا الأشَدَّيْنِ لِشِدَّتِهِ، وكنيته أبو الأعور، وكان أعْوَرَ شَدِيدَ البَطْشِ، فلما سَمِعَ المسلمون ما قال أبو جهل وأبو الأشدين قالوا: يَقِيسُ الملائكةَ إلى الحَدّادِينَ؟ (٤) يعني: يقيس الملائكةَ إلَى السَّجّانِينَ من الناس، والعرب تُسَمِّي السَّجّانَ حَدّادًا، وكُلُّ مانِعٍ عند العرب حَدّادٌ (٥)، وفي هذا المعنى يقول الشاعر:

٤٢٢ - إنَّما الفَقْرُ والغِناءُ مِنَ اللَّـ... ه فَهَذا يُعْطَى وَهَذا يُحَدُّ (٦)


(١) كان من عُتاةِ الكافرين، دَعا النَّبِيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- إلَى المصارعة، وقال: إنْ صَرَعْتَنِي آمَنْتُ بكَ، فَصَرَعَهُ رَسُولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، فلم يؤمن، ينظر: الروض الأُنُفُ للسهيلي ٢/ ٦٥.
(٢) ينظر: جامع البيان ٢٩/ ١٩٩، الوسيط ٤/ ٣٨٤، زاد المسير ٨/ ٤٠٨، عين المعانِي ورقة ١٣٩/ ب، لباب النقول ص ٢٠٦ - ٢٠٧.
(٣) ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٧٤، الكشاف ٤/ ١٨٤، زاد المسير ٨/ ٤٠٨.
(٤) يُضْرَبُ مَثَلًا في الصغير يُقاسُ بالكبير، ينظر: الفاخر للمفضل بن سلمة ص ١١٢، جمهرة الأمثال ١/ ٢١٧، مجمع الأمثال ١/ ٢٣٨.
(٥) قاله ابن الأنباري في الزاهر ١/ ٢٨٨، وينظرة شفاء الصدور ١٨١/ ب، تهذيب اللغة ٣/ ٤٢١.
(٦) البيت من الخفيف، لَمْ أقف على قائله.
اللغة: الغِناءُ: الغِنَي، ولكنه مَدَّهُ للضرورة.
التخريج: الإنصاف في مسائل الخلاف للأنباري ص ٧٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>