للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَذِيرًا؛ أي: ذات إنذار، فَذَكرَ اللفظ على النَّسَبِ، وقيل (١): هو نصب على إضمار "أعْنِي"، وقرأ إبراهيم بن أبِي عَبْلةَ: "نَذِيرٌ لِلْبَشَرِ" (٢).

{لِمَنْ شَاءَ مِنْكُمْ} بَدَلٌ من قوله: {لِلْبَشَرِ} {أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (٣٧)} يعني: يتقدم فِي الخير، أو يتأخر في المعصية، وهذا وعيد وتهديد كقوله تعالى: {فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ} (٣)، وكقوله: {اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ} (٤).

{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨)} يعني: بِما عَمِلَتْ رَهِينةٌ بعملها فِي جهنم، إلا من اسْتَثْنَى اللَّهُ تعالى فإنهم غير مُرْتَهَنِينَ، وهم أصحاب اليمين، وذلك قوله تعالى: {إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ (٣٩)} يعني المؤمنين، واليمين صفة لكل خير وسعادة، وهم الذين يأخذون كتبهم بأيمانهم.

وما بعده ظاهر التفسير إلَى قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩)} يعني كفار قريش حين نَفَرُوا عن القرآن، وأعرضوا عن الإيمان، والتذكرة: التذكير بمواعظ القرآن، ونصب {مُعْرِضِينَ} على الحال (٥)، وقيل: معناه:


(١) حكاه النحاس عن الأخفش الأصغر في إعراب القرآن ٥/ ٧٢، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٢٧.
(٢) قرأ بالرفع أُبَيُّ بنُ كعب وإبراهيم بن أبِي عَبْلةَ، وعلى هذه القراءة يكون "نَذِيرٌ" خَبَرًا بعد خَبَرٍ لـ "إنَّ"، أو خَبَرَ مبتدأ محذوف؛ أي: هي نذير، ينظر: الفريد للهمداني ٤/ ٥٦٧، تفسير القرطبي ١٩/ ٨٦، البحر المحيط ٨/ ٣٧٠.
(٣) الكهف ٢٩.
(٤) فصلت ٤٠.
(٥) قاله سيبويه والمبرد وغيرهما، ينظر: الكتاب ٢/ ٦١، المقتضب ٣/ ٢٣٧، وينظر أيضًا: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٤٩، إعراب القرآن ٥/ ٧٤، أمالِيُّ ابن الشجري ٣/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>