للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العِظامِ، وهذا جواب القسم، وأراد بالكُبَرِ دَرَكاتِ جَهَنَّمَ وأبْوابَها، وهي سبعة: جَهَنَّمُ ولَظَى والحُطَمةُ والسَّعِيرُ وسَقَرُ والجَحِيمُ والهاوِيةُ -أعاذنا اللَّه منها-، والكُبَرُ جمع الكُبْرَى، وهي النار مثل الأُولَى والأُوَلِ والصُّغْرَى والصُّغَرِ.

قوله: {نَذِيرًا لِلْبَشَرِ (٣٦)} يعني: تَذْكِرةً لِلْعالَمِ، قال الزَّجّاجُ (١) والكِسائِيُّ (٢): هو منصوب على الحال من المضمر في قوله: {قُمْ فَأَنْذِرْ} (٣) يريد: قُمْ نَذِيرًا لِلْبَشَرِ. قال ابن الأنباري (٤): وهذا قبيح؛ لأن الكلام قد طال فيما بينهما.

وقيل: هو نصب على القطع من قوله: {إِنَّهَا لَإِحْدَى الْكُبَرِ (٣٥) نَذِيرًا لِلْبَشَرِ}؛ لأنها معرفة و {نَذِيرًا} نكرة، وإن شئتَ نَصَبْتَهُ على القطع أيضًا من العائد في {سَقَرَ}، قاله ابن الأنباري (٥)، وقال الخليل (٦): النَّذِيرُ مصدر كالنَّكِيرِ، كأنك قلتَ: إنْذارًا للبشر، وقيل (٧): هو منصوب على إضمار فعل؛ أي: صَيَّرَها اللَّهُ


(١) قال الزجاج: "ويجوز أن يكون {نَذِيرًا} منصوبًا مُعَفقًا بأول السورة على معنى: قُمْ نَذِيرًا لِلْبَشَرِ". معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٤٩.
(٢) ينظر قوله في إعراب القرآن ٥/ ٧٢، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٢٧، الوسيط ٤/ ٣٨٥. وقد حكاه الفراء بغير عَزْوٍ، وَرَدَّهُ فقال: "كان بعض النحويين يقول: إنْ نصبتَ {نَذِيرًا} من أول السورة: يا محمد قُمْ نَذِيرًا لِلْبَشَرِ. وليس ذلك بشيء، واللَّه أعلم-؛ لأن الكلام قد حدث بينهما شَيْءٌ منه كَثِيرٌ، وَرَفْعُهُ في قراءة أُبَيٍّ يَنْفِي هذا المعنى". معانِي القرآن ٣/ ٢٠٥.
(٣) المدثر ٢.
(٤) ينظر قوله في تفسير القرطبي ١٩/ ٨٥.
(٥) إيضاح الوقف والابتداء ص ٩٥٦.
(٦) ينظر قوله في الكشف والبيان ١٠/ ٧٦، تفسير القرطبي ١٩/ ٨٥، البحر المحيط ٨/ ٣٧٠، الدر المصون ٦/ ٤١٩ - ٤٢٠.
(٧) قاله النحاس فِي إعراب القرآن ٥/ ٧٢، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٢٧، تفسير القرطبي ١٩/ ٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>