للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُسَمَّ فاعله (١)، والصحف: الكتب، واحدتها صحيفة، و {مُنَشَّرَةً} معناها: مَنْشُورة.

وذلك أن المشركين قالوا: يا محمد: بَلَغَنا أن الرجل من بَنِي إسرائيل كان يُصْبِحُ مكتوبًا عند رأسه ذَنْبُهُ وكَفّارَتُهُ، فَأْتِنا بِمِثْلِ ذلك، فَكَرِهَ ذلك رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- (٢) فأنزل اللَّه تعالى: {كَلَّا}؛ أي: ليس الأمر كما يريدون ويقولون، وقيل: معناه حَقًّا، وكُلُّ ما وَرَدَ عليك من هذا الباب فهذا وجهه (٣)، والمعنى: كَلَّا لا يُؤْتَوْنَ الصُّحُفَ.

ثم قال تعالى: {بَلْ لَا يَخَافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣)} لَكِنْ لا يخافون عذاب الآخرة، والمعنى: أنهم لو خافوا النار لَما اقترحوا الآياتِ بعد قيام الأدلة الواضحات {كَلَّا إِنَّهُ} يعني القرآن {تَذْكِرَةٌ (٥٤)} تذكير وموعظة {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (٥٥)} يعني: فَهِمَهُ وَوَعاهُ واتَّعَظَ به.

ثم رَدَّ المشيئة إلَى نفسه، فقال: {وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} يعني:


(١) في الأصل: "على اسمِ ما لَمْ يُسَمَّ فاعله" وهو خطأ. ومعناه أن {صُحُفًا} مفعول ثانٍ لـ {يُؤْتَى}، والمفعول الأول هو نائب الفاعل الذي هو ضمير مستتر يعود على قوله: "امْرِئٍ".
(٢) قاله الكلبي، ينظر قوله في الكشف والبيان ١٠/ ٧٩، الكشاف للزمخشري ٤/ ١٨٨، زاد المسير ٨/ ٤١٣.
(٣) هذا مذهب لبعض العلماء، قال مَكِّيٌّ: "وذهبت طائفة إلى أنها [يعني: كَلَّا] يُوقَفُ عليها فِي كل موضع، فإن كان قبلها ما يُرَدُّ ويُنْكَرُ كان معناها: ليس الأمر كذلك. . . وإذا كان قبلها ما لا يُرَدُّ ولا يُنْكَرُ كان معناها "حَقًّا"، نحو "تَظُنُّ أنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرةٌ. كَلَّا "أي: حَقًّا ما ذُكِرَ". الوقف على كلّا وبلى ونعم في القرآن لمكيٍّ بن أبي طالب ص ٥٠.
ثم قال مَكِّيٌّ: "قوله: "بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أنْ يُؤْتَى صُحُفًا مُنَشَّرةً. كَلَّا" الوقف على "كَلَّا" حَسَنٌ بالِغٌ، تجعلها رَدًّا لِما قبلها؛ أي: لا يُؤْتَى ذلك. . . ويجوز الابتداء بـ "كَلَّا" على معنى "ألا" وعلى معنى "حَقًّا"، والوقف عليها أحْسَنُ". الوقف على كلَّا وبلى ونعم ص ٥٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>