للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شُقُوقَ فيها، فلا يمكنه أن يعمل شيئًا، فَيَعْدِمُ الارْتفاقَ بالأعمال اللطيفة كالكتابة والخياطة وغير ذلك، ولَكِنّا فَرَّقْنا أصابعه حتى يأخذ بها ما شاء، ويقبضها إذا شاء، ويبسطها إذا شاء، فَحَسَّنّا خَلْقَهُ، وهذا قول عامّةِ المفسرين (١).

ونصب {قَادِرِينَ} على الحال من فاعلٍ في فعل مضمرٍ، تقديره: بَلَى نَجْمَعُها قادِرِينَ، وهو قول سيبويه (٢)، وقرأ ابن أبِي عَبْلةَ: {بَلَى قَادِرُونَ} (٣) بالرفع، تقديره: بَلَى نَحْنُ قادرون على أن نُسَوِّيَ بَنانَهُ.

{بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ} يعني عَدِيَّ بن ربيعة، أو أبا جهل بنَ هشام {لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ (٥)} يعني: يُقَدِّمُ الذَّنْبَ ويُؤَخِّرُ التَّوْبةَ، يقول: اليَوْمَ أتُوبُ، غَدًا أتُوبُ، حتى يأتيه الموت على شَرِّ أحواله وَأسْوَأ أعماله (٤).

وقيل (٥): يَرْكَبُ رَأْسَهُ في هَواهُ، ويجري هائما حيث قادته نفسه كالماء، و {أَمَامَهُ} يحتمل أن يكون نُصِبَ على أنه مفعول، ويحتمل أن يكون نَصْبُهُ


(١) قاله ابن عباس وعكرمة والحسن وقتادة والضحاك، ينظر: جامع البيان ٢٩/ ٢١٨ - ٢١٩، إعراب القرآن ٥/ ٨٠، شفاء الصدور ورقة ١٨٣/ ب، الكشف والبيان ١٠/ ٨٣، الوسيط ٤/ ٣٩١، زاد المسير ٨/ ٤١٧، تفسير القرطبي ١٩/ ٩٤.
(٢) قال سيبويه: "وأما قوله جَلَّ وَعَزَّ: {بَلَى قَادِرِينَ} على الفعل الذي أُظْهِرَ، كأنه قال: بَلَى نَجْمَعُها قادِرِينَ، حدثنا بذلك يونسُ". الكتاب ١/ ٣٤٦.
(٣) وهي قراءة ابن السَّمَيْفَعِ أيضًا، ينظر: تفسير القرطبي ١٩/ ٩٤، البحر المحيط ٨/ ٣٧٦.
(٤) قاله الكلبي وابن جبير والفراء وثعلب، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٢٨، تأويل مشكل القرآن ص ٣٤٦، شفاء الصدور ورقة ١٨٣/ ب، الكشف والبيان ١٠/ ٨٣، الكشاف ٤/ ١٩٠، زاد المسير ٨/ ٤١٨.
(٥) حكاه السجاوندي بغير نسبة في عين المعاني ورقة ١٣٨/ ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>