للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (٢٤)} يعنِي: كالِحةٌ عابِسةٌ كَئِيبةٌ مُتَغَيِّرةٌ مُسْوَدّةٌ مُغْبَرّةٌ {تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (٢٥) أي: داهية، والفاقِرةُ: الداهية العظيمة والأمر الشديد، وأصلها من الفِقْرةِ والفَقارةِ وهما شيء واحد، وَسُمِّيَتْ فاقِرةً لأنها تَكْسِرُ فَقارَ الظَّهْرِ (١).

فمن قال: فَقارةٌ فَجَمْعُها فَقارٌ، ومن قال: فِقْرةٌ فَجَمْعُها فِقَرٌ (٢)، فكأن {فَاقِرَةٌ}: داهِيةٌ تقطع فَقارَ ظَهْرِهِ، وهو خَرَزةُ الصُّلْبِ (٣)، واحدها فَقارةٌ، تقول: فَقَرْتُ الرَّجُلَ: إذا كَسَرْتَ فَقارَهُ، كما تقول: رَأسْتُهُ: إذا ضَرَبْتَ رَأْسَهُ (٤).

قوله: {كَلَّا}؛ أي: لا يُؤْمِنُ الكافرُ بهذا {إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ (٢٦)} يعني: إذا بلغت النَّفْسُ أو الرُّوحُ الحُلْقُومَ، كناية عن غير مذكور، والتَّراقِي جمع تَرْقُوةٍ، وهي عَظْمُ وَصْلٍ بين ثُغْرةِ النَّحْرِ والعاتق (٥)، ويُكَنَّى بِبُلُوغِ التَّراقِي عن الإشْفاءِ على الموت.


(١) قال ابن قتيبة: "ويقولون: عَمِلَ به الفاقِرةَ، وهي الداهية، يُرادُ أئها فاقِرة لِلطهْرِ، أي: كاسِرةٌ لفَقاره، يقال: فَقَرَتْهُمُ الفاقِرةُ، ورَجُلٌ فَقِر وفقيرٌ أي: مكسور الفَقار". أدب الكاتب ص ٤٥، وينظر: شفاء الصدور ورقة ١٨٥/ أ، الصحاح ٢/ ٧٨٢، الوسيط ٤/ ٣٩٥، عين المعانِي ورقة ١٤٠/ أ.
(٢) قاله ابنُ السِّكِّيتِ في إصلاح المنطق ص ١٦٢، والنقاشُ في شفاء الصدور ورقة ١٨٥/ أ، وحكاه الأزهريُّ عن ابن الأعرابي في التهذيب ٩/ ١١٤، وينظر: الصحاح ٢/ ٧٨٢.
(٣) خَرَزةُ الظَّهْرِ: الفِقْرة من فِقْراتِهِ، والجمع خَرَزٌ، قاله الأزهري في تهذيب اللغة ٩/ ١١٤، وينظر: اللسان: خرز.
(٤) قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص ٥٠٠، وثعلبٌ في مجالسه ص ٢٦٨، وينظر: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٦٨، تهذيب اللغة ٩/ ١١٦.
(٥) قاله الخليل في العين ٥/ ١٢٦، وحكاه الأزهري عن الليث في تهذيب اللغة ٩/ ٥٤، وينظر: الصحاح ٤/ ١٤٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>