للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِيهَا} يعني: فِي الجنة {تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (١٨)} يعني: سَلِسةً لَهُمْ مُنْقادةً، يُصَرِّفُونَها حيث شاؤوا (١)، وقيل (٢): طَيِّبةَ الطعْمِ والمَذاقِ، تقول العرب: هذا شَرابٌ مُسَلْسَلٌ وَسَلْسالٌ وَسَلْسَبِيلٌ، وقيل (٣): سُمِّيَتْ سَلْسَبيلًا لأنها تَسِيلُ عليهم في الطُّرُقِ وفي منازلهم، تَنْبُعُ من أصل العرش من جَنَّةِ عَدْنٍ إلَى أهل الجِنانِ، وَشَرابُ الجَنّةِ على بَرْدِ الكافور وطَعْمِ الزَّنْجَبِيلِ وَرِيحِ المِسْكِ.

ومعنى {تُسَمَّى}؛ أي: تُوصَفُ، لأن أكثر العلماء على أن {سَلْسَبِيلًا} صفةٌ لا اسمٌ ونصب {عَيْنًا} على ما تقدم من الوجوه في نظيرها أوَّلا (٤)، ونصب {سَلْسَبِيلًا}؛ لأنه مفعول ثانٍ خَبَرُ ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهو اسمٌ أعجميٌّ نكرةٌ، فلذلك انصرف (٥).


(١) قاله قتادة كما ذكر الطبري في جامع البيان ٢٩/ ٢٧١، وقال الزَّجّاجُ: "وَسَلْسَبِيلٌ: اسم العَيْنِ، إلا أنه صُرِفَ لأنه رأس آية، وَسَلْسَبِيلٌ فِي اللغة صِفةٌ لِما كان في غاية السَّلَاسةِ، فَكَأنَّ العَيْنَ، واللَّه أعلم، سُمِّيَتْ بِصِفَتِها". معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٦١، وينظر: الكشف والبيان ١٠/ ١٠٣، ١٠٤.
(٢) هذا قول يَمانٍ ومجاهد وابن الأنباري، ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ١٠٤، زاد المسير ٨/ ٤٣٨، عين المعانِي ورقة ١٤٠/ ب، تفسير القرطبي ١٩/ ١٤٢.
(٣) هذا قول أبِي العالية وقتادة ومقاتل، ينظر: الكشف والبيان ١٠/ ١٠٤، عين المعانِي ورقة ١٤٠/ ب، تفسير القرطبي ١٩/ ١٤٣.
(٤) يعني في قوله تعالى: {عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ}. الآية ٦، ٤/ ٢٠٠.
(٥) هذا ما قاله مَكِّيٌّ في مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٣٩، والجواليقيُّ في المُعَرَّب ص ١٨١، وتابعهما عليه المؤلف، ولكن غيرهم من العلماء ذكروا أن سبب صرفه هو أَنه رأس آية، قال الأخفش: "هو اسم للعين، وهو معرفة، ولكنْ لَمّا كان رأسَ آية كان مفتوحًا، زِدْتَ فيه الألِفَ كما كانت {قَوَارِيرَا}. معانِي القرآن ص ٥٢١، ومثلَهُ قال الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>