للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي يَلِي جَسَدَهُ حَرِيرةٌ بيضاءُ، وعلى جبهته إكْلِيلٌ مُكَلَّلٌ بِالزَّبَرْجَدِ والياقُوتِ وَألْوانِ الجَوْهَرِ، كل جوهرة على لونٍ، وعلى رأسه تاج من ذَهَبٍ فيه سبعون ذُؤابةً، فِي كُلِّ ذُؤابةٍ دُرّةٌ تُساوِي مالَ المشرق والمغرب، فذلك قوله تعالى: {وَمُلْكًا كَبِيرًا}، لا يدخل عليهم رسولُ رَبِّ العالمين إلّا بِإذْنٍ (١).

قوله: {إِنَّ هَذَا} يعني: الذي وُصِفَ لكم في هذه السورة {كَانَ لَكُمْ جَزَاءً} لأعمالكم {وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا (٢٢)} يعني: شَكَرَ اللَّهُ أعْمالَهُمْ في الدنيا، فَأثابَهُمْ بِها فِي الجنة.

قوله: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا (٢٣)} يعني: فَصَّلْناهُ في الإنزال تفصيلًا آيةً بَعْدَ آيةٍ، وَلَمْ وننزِّلْهُ جُمْلةً واحدةً، و {نَحْنُ نَزَّلْنَا} ابتداءٌ وخَبَرٌ، وهما جميعًا خبر "إنَّ"، ويحتمل أن يكون {نَحْنُ} توكيدًا للنون في {إِنَّا} (٢) وإن كان أحدهما كنايةَ المنصوب، لأنه يجوز أن يُؤَكَّدَ المَنْصُوبُ بالمرفوع كقولك: رَأيْتُكَ أنْتَ (٣).

{فَاصْبِرْ} يا محمد {لِحُكْمِ رَبِّكَ} حتى يحكم اللَّه بينك وبين أهل مكة {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا (٢٤)} يعني بالآثِمِ عُتْبةَ بن رَبِيعةَ، وَبِالكَفُورِ الوَلِيدَ


(١) هذا الخبر ذكره النقاش في شفاء الصدور ورقة ١٩٤/ ب.
(٢) الوجهان قالهما النَّحّاسُ ومَكِّيٌّ، ينظر: إعراب القرآن ٥/ ١٠٦، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٤٢.
(٣) قال سيبويه: "هذا باب ما تكون فيه أنْتَ وَأنا وَنَحْنُ وَهُوَ وَهِيَ وَهُمْ وَهُنَّ وَأنْتُنَّ وَهُما وَأنْتُما وَأنْتُمْ وَصْفًا، اعْلَمْ أن هذه الحروف كلها تكون وصفا للمجرور والمرفوع والمنصوب لِلْمُضْمَرِينَ، وذلك قولك: مَرَرْتُ بكَ أنْتَ، وَرَأيْتُكَ أنْتَ، وانْطَلَقْتَ أنْتَ، وليس وَصْفًا بِمَنْزِلةِ الطَّوِيلِ إذا قلتَ: مَرَرْتُ بِزَيْدٍ الَطَّوِيلِ، ولكنه بمَنْزِلةِ "نَفْسُهُ" إذا قُلْتَ: مَرَرْتُ بِهِ نَفْسِهِ، وَأتانِي هُوَ نَفْسُهُ، وَرَأيْتُهُ هُوَ نَفْسَهُ". الكتاب ٢/ ٣٨٥، يعني سيبويه بالوصف هنا التوكيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>