للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القاف، وقرأ الآخرون بالألف وتشديد القاف، وهي اختيار الشيخين أبِي عبيد وأبِي حاتم، والعرب تُعاقِبُ بين الواو والهمزة كقولهم: وَكَّدْتُ وَأكَّدْتُ، وَوَرَّخْتُ الكِتابَ وَأرَّخْتُهُ، وَوِكافٌ وإكافٌ، وَوِسادةٌ وإسادةٌ، فَحُجّةُ مَنْ أقَرَّ الواوَ تَمَسُّكُهُ بالأصل، وَحُجّةُ مَنْ هَمَزَ استثقالُ الضمة على الواو فقلبها همزة (١).

وقوله: {لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ (١٢) أي: أُخِّرَتْ، يعني الساعة، ثم بينَ ذلك فقال: {لِيَوْمِ الْفَصْلِ (١٣)} يعني يوم القيامة، يفصل اللَّه فيه بين أهل الجنة وأهل النار، ثم عَظَّمَ ذلك اليومَ، فقال: {وَمَا} "ما" رفع بالابتداء {أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الْفَصْلِ (١٤)} ابتداءٌ وخَبَرٌ، قال الحسن: واللَّهِ ما كان يدري حتى أخبره اللَّه تعالى.

ثم ذَكَرَ حالَ الذين كَذَّبُوا بذلك اليومِ، فقال: {وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١٥)} يقول: الوَيْلُ لَهُمْ يومئذ لِما نَزَلَ بِهِمْ من الخِزْيِ، فَيُنادُونَ بالويل والثُّبُورِ، و {وَيْلٌ} كلمة تُقالُ عند الهلاك، وقيل: هو وادٍ في جَهَنَّمَ، وسيأتِي ذِكْرُهُ في سورة المطففين، و {وَيْلٌ} حيث وقع في هذه السورة وما شابَهَها مرفوعٌ على


(١) قال سيبويه في باب ما كانت الواو فيه أوَّلًا وكانت فاءً: "واعلم أن هذه الواو إذا كانت مضمومة فأنت بالخيار، إن شئت تركتها على حالها، وإن شئت أبدلت الهمزةَ مكانها، وذلك نحو قولهم في وُلِدَ: أُلِدَ، وفي وُجُوهٍ: أجُوهٌ، وإنما كرهوا الواو حيث صارت فيها ضَمّةٌ كما يكرهون الواوين، فيهمزون نحو قَؤُولٍ ومَؤُونةٍ، وأما الذين لَمْ يهمزوا فإنهم تركوا الحرف على أصله، كما يقولون: قَوُولٌ، فلا يهمزون". الكتاب ٤/ ٣٣٠ - ٣٣١.
ثم قال سيبويه: "ولكنَّ ناسًا كثيرًا يُجْرُونَ الواوَ إذا كانت مكسورةً مُجْرَى المضمومة، فيهمزون الواو المكسورة إذا كانت أوَّلًا، كرهو الكسرة فيها كما اسْتُثْقِلَ في يَيْجَلُ وَسَيِّدٍ وأشباهِ ذلك، فمن ذلك قولهم: إسادةٌ وَإعاءٌ". الكتاب ٤/ ٣٣١.
وينظر أيضًا: إعراب القرآن ٥/ ١١٥، الجمل للزجاجي ص ٤٠٤ - ٤٠٥، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ٣٥٧، شرح المقدمة المحسبة ص ٣٧١، شرح الشافية للرضي ٣/ ٢٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>