للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الابتداء، و {يَوْمَئِذٍ} ظرف عمل فيه معنى {وَيْلٌ}، و {لِلْمُكَذِّبِينَ} الخبر (١).

ثم أخْبَرَ اللَّهُ تعالى بِما فَعَلَ بالكفار من الأمم الخالية، فقال: {أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ (١٦)} يعني: من الأمم الماضية قومِ نوح وعادٍ وثمودَ حين كَذَّبُوا الرُّسُلَ، و {أَلَمْ} بمعنى: قَدْ أهْلَكْناهُمْ، كقوله تعالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ} (٢) بمعنى: قَدْ شَرَحْنا لَكَ صَدْرَكَ، يدل على هذا قوله: {وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ} (٣).

قوله: {ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ (١٧)} يعني كفار مكة، قرأ العامة: {نُتْبِعُهُمُ} برفع العين على الاستئناف، فإن قيل: أليس {ثُمَّ} من حروف العطف؟ فَهَلَّا جُزِمَ {نُتْبِعُ} بالعطف على {نُهْلِكْ}؟ فالجواب: أن هذا عَطْفُ جُمْلةٍ، فإذا كان كذلك لَمْ يَجِبْ أن يكون إعراب الجملة الثانية كإعراب الجملة الأولَى (٤)، ونصب {الْآخِرِينَ} لأنه مفعول ثانٍ، والهاء والميم في {نُتْبِعُهُمُ} المفعول الأول، وقرأ الأعرج بالجزم (٥) على العطف، قال أبو حاتم (٦): هذا لَحْنٌ


(١) ينظر: الكتاب ١/ ٣٣١ - ٣٣٢، معانِي القرآن للأخفش ص ١١٨، المقتضب ٣/ ٢٢٠، ٢٢١، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٤٧.
(٢) الشرح ١.
(٣) الشرح ٢.
(٤) وذهب الفراء والزجاج وابن الأنباري إلَى أن {نُتْبِعُهُمُ} مُسْتَأْنَفٌ لا معطوف، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٢٣، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٦٧، إيضاح الوقف والابتداء ص ٩٦١، وينظر: التبيان للعكبري ص ١٢٦٤، وحكى السجاوندي أن أبا حاتم ذهب إلى أنه معطوف على موضع {نُهْلِكِ} قبل دخول الجازم، ينظر: عين المعانِي ورقة ١٤١/ أ.
(٥) قرأ الأعرج وعَبّاسُ بن منصور عن أبي عمرو: "نُتْبِعْهُمْ" بالجزم، ينظر: المحتسب ٢/ ٣٤٦، البحر المحيط ٨/ ٣٩٧.
(٦) ينظر قوله في إعراب القرآن للنحاس ٥/ ١١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>