للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما تقول: قاتَلَ فُلَانٌ قِتالًا، ذكره الأخفشُ (١)، وقال الفَرّاءُ (٢): هو جمع وِفْقٍ. واللِّفْقُ والوِفْقُ واحدٌ، وهما منصوبان على المصدر (٣)، مجازه: جازَيْناهُمْ جَزاءً وِفاقًا وافَقَ أعْمالَهُمُ الخَبِيثةَ.

ثم أخبر عنهم فقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا لَا يَرْجُونَ حِسَابًا (٢٧) أي: لا يخافون الحساب، ولا يؤمنون بالبعث {وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كِذَّابًا (٢٨) أي: كَذَّبُوا بالقرآن تَكْذِيبًا بما فيه من الأمر والنهي، و"فعّالٌ" من مصادر التَّفْعِيلِ، قال الفَرّاءُ (٤): وهي لغة فصيحة يَمانِيّةٌ، تقول: كَذَّبْتُ كِذّابًا، وَخَرَّقْتُ القَمِيصَ خِرّافًا. قيل: نزلت هذه الآية في الوليد بن المغيرة وأبي جهل بن هشام.

قوله: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا (٢٩) أي: بَيَّنّاهُ في اللَّوْحِ المحفوظ، نظيره قوله: {وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ} (٥)، و {كِتَابًا} توكيد لـ "أحْصَيْنا"، وهو منصوب على المصدر؛ لأن {أَحْصَيْنَاهُ} هو بمعنى: كَتَبْناهُ كِتابًا (٦)، وقيل (٧): بِنَزْعِ الخافض؛ أي: فِي كتاب، وقيل (٨): على الحال، وقيل:


(١) قال الأخفش: "يقول: وافَقَ أعْمالَهُمْ وِفاقًا، كما تقول: قاتَلَ قِتالًا". معاني القرآن ص ٥٢٥.
(٢) الذي قاله الفراء: "وقوله تعالى: {جَزاءً وفاقًا} وِفْقًا لأعمالِهِمْ". معاني القرآن ٣/ ٢٢٩.
(٣) {جَزاءً} منصوب على المصدر، أما {وِفاقًا} فهو نعت لـ {جَزاءً}، وليس منصوبا على المصدر، أي: جازَيْناهُمْ جَزاءً مُوافِقًا لأعمالهم، ينظر: إعراب القرآن ٥/ ١٣٢.
(٤) معانِي القرآن ٣/ ٢٢٩.
(٥) يس ١٢.
(٦) قاله الزجاج والنحاس والنقاش، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٧٤، إعراب القرآن ٥/ ١٣٤، شفاء الصدور ورقة ٢٠٢/ ب، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٥٢.
(٧) قاله السجاوندي في عين المعانِي ورقة ١٤١/ ب.
(٨) أي: أحْصَيْناهُ مَكْتُوبًا، قاله الزمخشري والعكبري، ينظر: الكشاف ٤/ ٢١٠، التبيان للعكبري ص ١٢٦٧، وينظر أيضًا: الفريد للهمداني ٤/ ٦١٢، البحر المحيط ٨/ ٤٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>