للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا أكْثَرَ السَّيْرَ، وَوَجَفَ القَلْبُ فهو يَجِفُ وَجِيفًا: إذا اضْطَرَبَ.

{أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (٩)} يعني: أبْصارُ تِلْكَ القُلُوبِ الواجِفةِ خاشِعةٌ ذَلِيلةٌ خاضِعةٌ، قَدْ نَكَسُوا رُؤوسَهُمْ، وَخَفَضُوا أبْصارَهُمْ عند رؤية النار {يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (١٠) أي: نُرَدُّ إلَى أوَّلِ أمْرِنا في الدنيا، ومعنى الرَّدِّ في الحافِرةِ: الرُّجُوعُ في الطريق الأوَّلِ، تقول العرب: أتَيْتُ فُلَانًا ثُمَّ رَجُعْتُ على حافِرَتِي أي: رَجَعْتُ مِنْ حَيْثُ جِئْتُ (١)، وهي "فاعِلةٌ" بمعنى "مَفْعُولةٍ"، كقوله تعالى: {مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} (٢)؛ أي: مَدْفُوقٍ، وهو استفهام إنكار، أنكروا البعثَ بعد الموت، وقالوا: نُرَدُّ إلَى الدنيا وَنَصِيرُ أحْياءً كما كُنّا؛ قال الشاعر:

٤٦٦ - آلَيْتُ لَا أنْساكُمُ، فاعْلَمُوا... حَتَّى يُرَدَّ النّاسُ فِي الحافِرَهْ (٣)

والحافِرةُ عند العرب اسمٌ لأوَّلِ الشَّيْءِ وابتداءِ الأمْرِ، ومعنى الآية: أإنّا لَمَرْدُودُونَ إلَى الأرْضِ فنُبْعَثَ خَلْقًا جَدِيدًا؟


(١) قاله الفراء وأبو عبيدة وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٣٢، مجاز القرآن ٢٨٤، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٥١٣، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٧٨، تهذيب اللغة ٥/ ١٧، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٧٢.
(٢) سورة الطارق الآية ٦، وهذا قول مجاهد والخليل والفراء وثعلب، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٣٢، مجالس ثعلب ص ٥٥٦، جامع البيان ٣٠/ ٤٤، الزاهر ١/ ٣٦٠، إعراب القرآن ٥/ ١٤١، التهذيب ٥/ ١٧، المحرر الوجيز ٥/ ٤٣٢، زاد المسير ٩/ ١٨، القرطبي ١٩/ ١٩٧، اللسان: حفر.
(٣) البيت من السريع، لَمْ أقف على قائله.
التخريج: الكشف والبيان ١٠/ ١٢٥، تفسير القرطبي ١٩/ ١٩٧، البحر المحيط ٨/ ٤١٣، الدر المصون ٦/ ٤٧٢، اللباب في علوم الكتاب ٢٠/ ١٣٠، فتح القدير ٥/ ٣٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>