للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل (١): معناه: والأرْضَ مَعَ ذلك دَحاها، و {بَعدَ} بمعنى "مَعَ"، كما يقال للرجل: أنْتَ أحْمَقُ، وَأنْتَ بَعْدَ هَذا لَئِيمٌ، أي: مع ذلك، قال اللَّه تعالَى: {عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ} (٢)؛ أي: مَعَ ذَلِكَ، قال الشاعر:

٤٦٨ - فَقُلْتُ لَها: عَنِّي إلَيْكِ فَإنَّنِي... حَرامٌ، وَإنِّي بَعْدَ ذاكَ لَبِيبُ (٣)


(١) قاله مجاهد والسدي وأبو عبيدة وابن قتيبة، ينظر: مجاز القرآن ١/ ١٤، تأويل مشكل القرآن ص ٦٨، جامع البيان ٣٠/ ٥٨، ٥٩، إعراب القرآن ٥/ ١٤٥، ١٤٦، وينظر: الصاحبي ص ٢١٣. وقال الأزهري: "وأمّا قول اللَّه تعالى: {وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا}، فإن السائل يسأل عنه فيقول: كيف قال: "بَعْدَ ذَلِك" والأرض أُنْشِئَ خَلْقُها قَبْلَ السماء؟ والدليل على ذلك قولُ اللَّه تعالى: {قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فىِ يَومَينِ}، فلمّا فَرَغَ من ذِكْرِ الأرض وما خلق فيها قال اللَّه {ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ}: و {ثُمَّ} لا يكون إلا بعد الأول الذي ذُكر قبله، ولم يختلف المفسرون أن خلق الأرض سبق خلق السماء. والجواب فيما سأل عنه السائل أن الدَّحْوَ غَيْرُ الخَلْقِ، وإنما هو البَسْطُ، والخَلْقُ هو الإنشاء الأوَّل، فاللَّه عَزَّ وَجَلَّ خلق الأرض أوَّلًا غَيْرُ مَدْحُوّةٍ، ثم خلق السماء، ثم دَحا الأرْضَ؛ أي بَسَطَها، والآيات فيها مؤتلفة، ولا تناقض بحمد اللَّه فيهما عند من يفهمها، وإنما أُتِيَ المُلْحِدُ الطّاعِنُ فيما شاكَلَها من الآيات من جهة غباوته وغلظ فهمه، وقلّة عِلْمِهِ بكلام العرب". تهذيب اللغة ٢/ ٢٤٣، وما قاله الأزهري هو مذهب عمرو بن العاص كما ذكر ابن الجوزي في زاد المسير ٩/ ٢٣.
(٢) القلم ١٣.
(٣) البيت من الطويل، لِلْمُضَرَّبِ بن كعب بن زهير، وَنُسِبَ لِلْمُخَبَّلِ السَّعْدِيِّ، وهو في ديوانه، وروايته فيه: "فَقُلْتُ لَها: فِيئِي".
اللغة: فِيئي: ارْجِعِي، حَرامٌ: مُحْرِمٌ؛ أي: دخلتُ الحَرَمَ، لَبيبٌ هنا: مُلَبٍّ بِالحَجِّ، وقيل: معناه: عاقل ذو لُبٍّ.
التخريج: ديوان المُخَبَّلِ السَّعْدِيِّ ص ٢٩١ (ضمن شعراء مقلون)، مجاز القرآن ١/ ١٤٥، ٢/ ٣٠٠، أدب الكاتب ص ٥٥٥، معانِي القرآن وإعرابه ١/ ١٤٢، جمهرة اللغة ص ٥٢١، ١٢٥٢، الأضداد لابن الأنباري ص ١١٠، كتاب الشعر ص ٣، الصحاح ص ٢١٧، مقاييس اللغة ٥/ ١٩٩، المخصص ١٤/ ٦٩، الاقتضاب ٣/ ٤٣٣، أمالِيُّ ابن الشجري =

<<  <  ج: ص:  >  >>