للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الفَرّاءُ (١): ويجوز الرفع مثل قوله: {مَتَاعٌ قَلِيلٌ} (٢).

قوله: {فَإِذَا جَاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرَى (٣٤)} يعني النفخة الثانية التي فيها البعث، والطّامّةُ: القيامة سُمِّيَتْ طامّةً لأنها تَطِمُّ على كل شيء، فَتَغْمُرُهُ لِعِظَمِ هَوْلِها (٣)، ومن هذا يُقالُ: "فَوْقَ كُلِّ طامّةٍ طامّةٌ" (٤)، والطّامّةُ عند العرب: الدّاهِيةُ التي لا تُسْتَطاعُ، وإنما أُخِذَ من قولهم: طَمَّ الفَرَسُ طَمًّا: إذا اسْتَفْرَغَ جُهْدَهُ فِي الجَرْيِ (٥).

ثم أعْلَمَ عِبادَهُ مَتَى ذلك، فقال تعالى: {يَوْمَ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسَانُ مَا سَعَى (٣٥)} أي: ما عَمِلَ من خير وشر {وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِمَنْ يَرَى (٣٦)} قال مقاتل (٦): يُكْشَفُ عنها الغِطاءُ فَيَنْظُرُ إليها الخَلْقُ.


(١) قال الفراء: "ولو كانت: "مَتاعٌ لَكُم" كان صوابًا، مثلما قالوا: "لَم يَلْبَثُواْ إلَّا ساعةً مِنْ نَهارٍ بَلَاغٌ"، وكما قال: "مَتاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذابٌ ألِيمٌ"، وهو على الاستئناف، يُضْمَرُ له ما يرفعه". معانِي القرآن ٣/ ٢٣٣. وقد قرأ ابنُ أبِي عَبْلةَ: "مَتاعٌ لَكُمْ" بالرفع، ينظر: شواذ القراءة للكرمانِيِّ ورقة ٢٥٩.
(٢) آل عمران ١٩٧، والنحل ١١٧.
(٣) قاله ابن عباس والضحاك والفراء، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٣٤، جامع البيان ٣٠/ ٦١، تهذيب اللغة ١٣/ ٣٠٦، الكشف والبيان ١٠/ ١٢٨، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٠٦.
(٤) هذا مَثَلٌ، وهو من كلامٍ لأبِي بكر الصديق، رضي اللَّه عنه، ينظر: الكامل للمبرد ١/ ٩، ديوان الأدب للفارابِيِّ ٣/ ٦٠، تهذيب اللغة ١٣/ ٣٠٦، الصحاح: طمم ٥/ ١٩٧٦، تاريخ دمشق ١٧/ ٢٩٨، مجمع الأمثال ٢/ ٤٧٢، شرح نهج البلاغة لابن أبِي الحديد ٤/ ١٢٧، الأنساب ١/ ٣٧.
(٥) قاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٢٠٦/ أ، وقال ابن دريد: "طَمُّ الفَرَسُ طَميمًا، إذا عَدا عَدْوًا سَهْلًا". جمهرة اللغة ١/ ١٥١، وقال الأزهري: "ثَعْلَبٌ عن ابن الأعرابِيِّ: الطَّمِيمُ: الفَرَسُ المُسْرِعُ. ويُقالُ لِلْفَرَسِ الجَوادِ: طِمٌّ". تهذيب اللغة ١٣/ ٣٠٦ - ٣٠٧.
(٦) ينظر قوله في الوسيط للواحدي ٤/ ٤٢١، زاد المسير ٩/ ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>