للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصل {يَذَّكَّرُ} يَتَذَكَّرُ، فأدغمت التاء في الذال {أَمَّا مَنِ} رفع بالابتداء {اسْتَغْنَى (٥)} عن اللَّه في نفسه، وعن الإيمان بِمالِهِ {فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى (٦)} يعني: تَدْعُوهُ وَتتَعَرَّضُ له، وَتُقْبِلُ إلَيْهِ بِوَجْهِكَ، وَتُصْغِي إلَى كَلَامِهِ. والتَّصَدِّي: التَّعَرُّضُ بالوجه، يقال: تَصَدَّى لَهُ، أي: تَعَرَّضَ له (١)، قال الرّاعِي:

٤٧٠ - تَصَدَّى لِوَضّاحٍ كَأنَّ جَبِينَهُ... سِراجُ الدُّجَى تُجْبَى إلَيْهِ الأساوِرُ (٢)

قرأ أهلُ المدينة وأهلُ مكة ويعقوبُ: {تَصَّدَّى} (٣) بالتشديد على الإدغام، والأصل فيه: تتَصَدَّى، فأُدغمت التاءُ في التاء، وأُسْقِطَتْ إحدى التاءين استثقالًا لها في صَدْرِ الكلمة، ومثله: {تَلَهَّى} و {تَلَظَّى} (٤) و {تَنَزَّلُ المَلَائِكَةُ} (٥) وما أشبهه، وقرأ الكوفيون وأبو عمرو وابن عامر: "تَصَدَّى" بحذف التاء والتخفيفِ لِئَلّا يُجْمَعَ بين تاءَيْنِ، واختار أبو عبيد التخفيفَ في {تَصَدَّى} و {يَزَّكَّى} و {يَذَّكَّرُ}.


(١) قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص ٥١٤، وينظر: تَهذيب اللغة ١٢/ ١٠٤، غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٧٣.
(٢) في الأصل: "تَحْتَ الأساور موهنا"، وهو سهو من الناسخ فيما يبدو، والبيت من بحر الطويل لِلرّاعِي النُّمَيْرِيِّ من قصيدة يمدح بها يَزِيدَ بنَ مُعاوِيةَ، ورواية ديوانه:
تصدى لِوَضّاحِ الجَبينِ كأنه... سراج الدجى تُجْبَى إلَيْهِ السَّوائِرُ
اللغة: رَجُلٌ وَضّاحٌ: حَسَنُ الوَجْهِ أبيضُ بَسّامٌ.
التخريج: ديوانه ص ١٠٩، الكشف والبيان ١٠/ ١٣١، منتهى الطلب ٦/ ٩٢، عين المعانِي ورقة ١٤٢/ أ، تفسير القرطبي ١٩/ ٢١٤، البحر المحيط ٨/ ٤١٧، الدر المصون ٦/ ٤٧٩، اللباب في علوم الكتاب ٢٠/ ١٥٦.
(٣) هذه قراءة ابن كثير ونافع وأبِي جعفر وابن محيصن، ينظر: السبعة ص ٦٧٢، الإتحاف ٢/ ٥٨٩.
(٤) في قوله تعالى: {فَأَنْذَرْتُكُمْ نَارًا تَلَظَّى} الليل ١٤، وانظر ما سيأتي ٤/ ٤٥٨.
(٥) القدر ٤، وانظر ما سيأتي ٥/ ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>