للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{وَمَا عَلَيْكَ أَلَّا يَزَّكَّى (٧) أي: يُسْلِمُ، والمعنى: أيُّ شَيْءٍ عليك في ألّا يُؤْمِنَ ولا يَهْتَدِيَ، إنْ عليك إلا البلاغُ {وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى (٨)} محل {مَن} رفع بالابتداء {وَهُوَ يَخْشَى (٩)} يعني ابنَ أُمِّ مَكْتُومٍ، أراد: يَسْعَى في الخير، ويَخْشَى اللَّهَ تعالى {فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى (١٠) أي: تتَشاغَلُ بغيره وَتُعْرِضُ بِوَجْهِكَ عنه، يقال: لَهِيتُ عن الشيء ألْهَى عنه أي: تَشاغَلْتُ عنه، وقرأ البَزِّيُّ: "تَّلَهَّى" (١) بتشديد التاء.

ثم قال تعالى: {كَلَّا}؛ أي: لا تَفْعَلْ ذلك، وهي كلمة ردع وزجر {إِنَّهَا تَذْكِرَةٌ (١١)} يعني: آيات القرآن موعظة وتبصرة {فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَهُ (١٢)} ابتداءً؛ أي: فمن شاء اللَّهُ ألْهَمَهُ وَفَهَّمَهُ القرآنَ حتى يَذْكُرَهُ وَيَتَّعِظَ به.

ثم أخبر جلالته عنده، فقال: {فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (١٣)} يعني أُمَّ الكتاب الذي نُسِخَ منه القرآن {مَرْفُوعَةٍ} عند اللَّه يعني: فِي السماء السابعة {مُطَهَّرَةٍ (١٤)} من كل دَنَسٍ وَكُفْرٍ {بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (١٥)} يعني: كَتَبةٍ، وهم الرسل من الملائكة، واحدهم: سافِرٌ مثل كاتِبٍ وَكَتَبةٍ (٢)، وقيل (٣): سَفِيرٌ وهو الرسول. وَسَفِيرُ


(١) قرأ البَزِّيُّ وابن فُلَيْحٍ عن ابن كثير: "عَنْهُ تَّلَهَّى" بتشديد التاء وصلا بالهاء قبلها، ينظر: السبعة ص ٦٧٢، البحر المحيط ٨/ ٤١٩.
(٢) قاله الفراء وأبو عبيدة والأخفش وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٣٦، مجاز القرآن ٢/ ٢٨٦، معانِي القرآن للأخفش ص ٥٢٨، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٥١٤، وينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٨٤، الزاهر ١/ ٧٨، تهذيب اللغة ١٢/ ٣٩٩ - ٤٠٠، الصحاح ٢/ ٦٨٦، النهاية لابن الأثير ٢/ ٣٧١.
(٣) ذكره الطبري بغير عزو في جامع البيان ٣٠/ ٦٨، وهو ظاهر قول ابن الأنباري في الزاهر ٢/ ١٣١، وينظر: الثعلبي في الكشف والبيان ١٠/ ١٣١.
والراجح أنه جمع سافِرٍ؛ لأن "فَعَلةً" يُجمع عليه "فاعِلٌ" صحيحُ العينِ، مثل بارٍّ وَبَرَرةٍ وَفاجِرٍ وَفَجَرةٍ، كما ذكر سيبوبه في الكتاب ٣/ ٦٣١، وأما "فَعِيلٌ" بمعنى "فاعِلٍ" فإنه يُجمع على "فُعُلٍ" وَ"أفْعِلَاءَ" و"فُعْلَانَ"، ينظر: الكتاب ٣/ ٦٠٤، ٦٠٥، قال الجوهري: "والسَّفِيرُ: =

<<  <  ج: ص:  >  >>