للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويحتمل أن يكون محل "الَّذِينَ" رفعًا على الابتداء (١)، أو يكون معناه: "وأسروا النجوى"، ثم قال: هم الذين ظلموا (٢)، ويحتمل أن يكون محله رفعًا على البدل من الواو في: {أَسَرُّوا} (٣)، قال المبرد: فهذا كقولك في الكلام: إن الذين في الدار انْطَلَقُوا بَنُو عبدِ اللَّه، على البدل مما في {انْطَلِقُوا}، ويجوز أن يكون في موضع نصب على معنى: أعني الذين ظلموا (٤).

قوله تعالى: {وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَدًا} يعني الرسل الأولين، قال الزَّجّاج (٥): هو واحدٌ ينبئ عن جماعة؛ أي: وما جعلناهم ذوي أجساد (٦): {لَا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ} قال ثعلبٌ والمبرّدُ جميعًا: العرب إذا جاءت بين الكلام بجَحْدَيْن كان الكلام إخبارًا، فمعناه: إنما جعلناهم جسدًا ليأكلوا الطعام، ومثله في الكلام: ما سمعتُ منكَ ولا أَقْبَلُ، فمعناه: إنما سمعت منك لأقبل منك، قال: وإذا كان في أول الكلام جَحْدٌ كان الكلام مجحودًا جحدًا حفيقيًّا، وهو مثل قولك: ما


(١) ويكون خبره محذوفًا، تقديره: الذين ظلموا يقولون: ما هذا إلّا بشر مثلكم، ينظر: البيان في غريب إعراب القرآن للأنباري ٢/ ١٥٨، التبيان للعكبري ص ٢/ ٩١١، الدر المصون ٥/ ٧١.
(٢) أي: أنه خبر لمبتدأ محذوف، والتقدير: هم الذين، وهذا أحد قولين للأخفش، وأجازه الزجاج، ينظر: معاني القرآن للأخفش ص ٤١٠، معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٨٤، وينظر: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٨١، البيان للأنباري ٢/ ١٥٨.
(٣) هذا قول يونس بن حبيب وسيبويه والأخفش والفراء والمبرد والزجاج، ينظر: الكتاب ٢/ ٤١، معاني القرآن للأخفش ص ٢٦٢، معاني القرآن للفراء ٢/ ١٩٨، معاني القرآن وإعرابه للزجاج ٣/ ٣٨٤، وينظر قول المبرد في الوسيط ٣/ ٢٢٩، القرطبي ١١/ ٢٦٩، البحر المحيط ٦/ ٢٧٥.
(٤) هذا الوجه أجازه الزجاج في معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٨٤، وينظر: إعراب القرآن ٣/ ٦٤، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٨١.
(٥) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٨٥.
(٦) في الأصل: "ذوي الأجساد".

<<  <  ج: ص:  >  >>