للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زيدٌ بخارج، فإذا جاءت العرب بالجَحْدَيْن في أول الكلام كان أحدُهما صلةً، تقول: ما ما قمتُ، تريد: ما قمتُ، ومثله: ما إنْ قمتُ، تريد: ما قمت (١).

قال الفراء (٢): وإنَّما قال: {جَسَدًا} ولم يقل: أجسادًا؛ لأنها اسم الجنس، كقوله: {يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا} (٣)، وقد تقدَّم قول الزَّجّاج فيه.

قوله تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} أي: أهلكنا أهلَها، يُخَوِّفُ أهلَ مكة، والقَصْمُ: الكسر والدَّقُّ، يقال منه: قَصَمْتُ ظَهْرَ فلانٍ، وانْقَصَمَتْ سِنُّهُ: إذا انكسرتْ.

قوله تعالى: {فَلَمَّا أَحَسُّوا بَأْسَنَا} يعني: رأَوْا عذابنا {إِذَا هُمْ مِنْهَا يَرْكُضُونَ (١٢)} يعني: يسرعون هاربين، يقال منه: رَكَضَ فلانٌ فَرَسَهُ: إذا لَكَزَهُ بالرِّجْلِ، وأصله: التحريك.

قوله تعالى: {وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاءَ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (١٦)} يريد: لم نخلقهما عبثًا ولا باطلًا، بل خلقناهما دلالةً على قدرتنا ووحدانيَّتنا ليعتبروا بخلقهما ويتفكَّروا فيهما ويعلموا أنّ العبادةَ لا تصلح إلا لخالقهما (٤)، ونَصْب {لَاعِبِينَ} على الحال (٥).


(١) انتهى قول ثعلب والمبرد، وقد حكاه أبو عمر الزاهد بنصه في ياقوتة الصراط ص ٣٥٧: ٣٥٩، وذكره الأزهري باختلاف يسير في التهذيب ١٠/ ٥٦٦، ٥٦٧، وينظر: زاد المسير ٥/ ٣٤١.
(٢) قال الفراء: "وَحَّدَ الجسدَ ولم يجمعه، وهو عربي؛ لأن الجسد كقولك: شيئًا مجسدًا؛ لأنه مأخوذ من فعل فكفى من الجمع، وكذلك قراءة من قرأ: {لِبُيُوتِهِمْ سُقُفًا مِنْ فِضَّةٍ}، والمعنى: سُقُوف"، معاني القرآن ٢/ ١٩٩.
(٣) غافر ٦٧.
(٤) من أول قوله: "لم نخلقهما عبثًا. . . " قاله ابن الجوزي بنصه في زاد المسير ٥/ ٣٤٣.
(٥) وهي الحال اللازمة الذكر، وصاحب الحال هو ضمير الفاعل في {خَلَقْنَا}، ينظر: التبيان للعكبري ص ٩١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>