للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إحسانه إليه، و {مَا} هاهنا على طريق التعجب معناه: اعْجَبُوا أنتم من كُفْرِهِ (١)، ومحل {مَا} هو رفع بالابتداء، ومحل الهاء نصب على التعجب، وقيل (٢): {مَا} هو استفهام ابتداء، و {أَكْفَرَهُ} هو الخبر، معناه: أيُّ شَيْءٍ حَمَلَهُ على الكفر مع ما يرى من الآيات الدالة على التوحيد؟

ثم بيَّنَ من أمره ما كان ينبغي معه أن يعلم بأن اللَّه خالقه، فقال تعالى: {مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨)} لفظه استفهام ومعناه التقرير، ثم فَسَّرَ ذلك فقال: {مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩)} يريد: في بطن أمه، ثم أخْرَجَهُ من بطن أمه، قال الكلبي (٣): قَدَّرَ خَلْقَهُ وَرَأْسَهُ وَعَيْنَيْهِ وَيَدَيْهِ وَرِجْلَيْهِ {ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠)} يعني: هَوَّنَ عليه الخروجَ من بطن أمه، ونصب {السَّبِيلَ} بإضمار فعل تقديره: يَسُّرَ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ {ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) أي: صَيَّرَهُ ذا قَبْرٍ، وَأمَرَ أنْ يُقْبَرَ، فأما الدّافِنُ فَيُقالُ


(١) قاله الأخفش والزُّجّاجُ والنُّقّاشُ والفارسي، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص ٥٢٨، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٨٥، شفاء الصدور ورقة ٢٠٩/ أ، المسائل الشيرازيات ص ٤٩٤، وينظر أيضًا: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٥٨، الوسيط ٤/ ٤٢٣، أمالِيُّ ابن الشجري ٢/ ٥٥٣، زاد المسير ٩/ ٣١، تفسير القرطبي ١٩/ ٢١٨.
(٢) قاله الأخفش أيضًا، والفراء والنحاس والفارسي، ينظر: معانِي القرآن للأخفش ص ٥٢٨، معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٣٧، إعراب القرآن للنحاس ٥/ ١٥١، المسائل الشيرازيات ص ٤٩٤، وينظر أيضًا: مشكل إعراب القرآن ٢/ ٤٥٨، وعلى الوجهين فإن "ما" مبتدأ، وجملة "أكْفَرَهُ" الخبر، ولكن على التعجب تكون "ما" نكرةً تامةً بمعنى: شَيْءٌ أكْفَرَهُ، وهذا مذهب البصريين ما عدا الأخفش، وعلى الوجه الثانِي تكون، "ما" استفهامية، والمعنى: أيُّ شَيْءٍ أكْفَرَهُ؟ وهذا مذهب الكوفيين في "ما" التعجبية، ينظر: كتاب سيبويه ١/ ٧٢، ٧٣، المقتضب ٤/ ١٧٣ وما بعدها، الأصول لابن السراج ١/ ٩٩ وما بعدها، شرح التسهيل لابن مالك ٣/ ٣٠: ٣٢، ارتشاف الضرب ص ٢٠٦٥.
(٣) ينظر قوله في الوسيط ٤/ ٤٢٣، ٤٢٤، زاد المسير ٩/ ٣١.

<<  <  ج: ص:  >  >>