للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (٢٣)} من النحويين من يجعل {كَلَّا} تَمامًا في جميع القرآن؛ أي: كَلّا ليس الأمر كما يقول الكافرُ: قد قَضَيْتُ ما عَلَيَّ، ومنهم مَنْ يَجْعَلُها فِي جَمِيعِ القرآن مُبْتَدَأةً، ومنهم مَنْ يُفَصِّلُها (١)، ومعنى الآية: كَلّا لَمْ يفعل ما أمَرَهُ به رَبُّهُ، ولَمْ يُؤَدِّ ما افْتُرِضَ عليه.

وَلَمّا ذَكَرَ اللَّهُ خَلْقَ ابن آدم ذَكَرَ رِزْقَهُ لِيَعْتَبِرَ، فقال تعالى: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤)} يعني: كَيْفَ قَدَّرَهُ رَبَّهُ له، وجعله سَبَبًا لحياته، وقيل: معنى قوله: {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (٢٤)}: إذا قَضَى حاجته نَظَرَ إلَى حَدَثِهِ وما بَخِلَ به، ويَنْظُرُ إلَى مَدْخَلِهِ وَمَخْرَجِهِ.

وَيَدُلُّ على صحة هذا التأويل ما رُوِيَ عن الضَّحّاكِ بن سفيان (٢) أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- قال له: "يا ضَحّاكُ: ما طَعامُكَ؟ "، قال: يا رسول اللَّه: اللَّحْمُ واللَّبَنُ، قال: "ثُمَّ يَصِيرُ إلَى ماذا؟ "، قال: إلَى ما قد عَلِمْتَ يا رسول اللَّه، قال: "فَإنَّ اللَّه -عَزَّ وَجَلّ- ضَرَبَ ما يَخْرُجُ من ابن آدم مَثَلًا للدنيا" (٣).


= ٥/ ٤٣٠، أمالِيُّ المرتضى ١/ ٤٥١، المخصص ٩/ ٩٢، التبيان للطوسي ٤/ ٤٢٩، ٧/ ٤٩٦، ١٠/ ٢٧٤، عين المعانِي ورقة ٨٣/ ب، ٨٩/ ب، مجمع البيان ٤/ ٢٧٤، ٩/ ٦٩، ١٠/ ٧٤، ٢٦٥، تفسير القرطبي ٣/ ٢٩٥، ١٣/ ٣، ١٩/ ٢١٩، اللسان: نشر، التاج: نشر.
(١) ينظر في هذه المسألة: مجالس ثعلب ص ٢٦٨، إيضاح الوقف والابتداء ص ٤٢١، إعراب القرآن ٥/ ١٥٢، ١٧٦، تهذيب اللغة ١٠/ ٣٦٣: ٣٦٥، الصاحبي ص ٢٥٠، ٢٥١، الوقف على كلا وبلى ونَعَمْ ص ٤٩، ٥٠، شرح المفصل ٩/ ١٦، همع الهوامع ٢/ ٥٠٠ - ٥٠١.
(٢) الضحاك بن سفيان بن عوف بن كعب، أبو سعيد الكلابِيُّ، صحابِيٌّ شجاع، كان نازلًا بنَجْدٍ، وَلَّاهُ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- على من أسلم هناك من قومه، ثم اتخذه سَيّافًا، وكانوا يَعُدُّونَهُ بمائة فَارس، قيل: استشهد في قتال أهل الرِّدّةِ من بَنِي سليم سنة (١١ هـ). [أسد الغابة ٣/ ٣٦، الإصابة ٣/ ٣٨٦، ٣٨٧، الأعلام ٣/ ٢١٤].
(٣) رواه الإمام أحمد في المسند ٣/ ٤٥٢، والطبرانِيُّ في المعجم الكبير ٨/ ٢٩٩، وينظر: =

<<  <  ج: ص:  >  >>