للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واخْتُلِفَ فيه عن عاصم وابن عامر وأبِي عمرو، وقرأ غيرهم بالتخفيف (١)، وهو الاختيار؛ لأنها واحدة {وَإِذَا الْجَنَّةُ أُزْلِفَتْ (١٣) أي: قُرِّبَتْ وَأُظْهِرَتْ لِلْمُؤْمِنِينَ، قال اللَّه تعالَى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) وَبُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغَاوِينَ (٩١)} (٢).

وجواب هذه الأشياء قولُهُ تعالَى: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (١٤)} يعني: مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ تُجْزَى به يوم القيامة، قال ابن عباس (٣): في قوله: {إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ (١)} إلَى قوله: {عَلِمَتْ نَفْسٌ مَا أَحْضَرَتْ (١٤)} اثنتا عَشْرةَ خَصْلةً، سِتٌّ في الدنيا، وَسِتٌّ في الآخرة.

قوله تعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِالْخُنَّسِ (١٥) الْجَوَارِ الْكُنَّسِ (١٦)} "لا" هاهنا زائدة (٤)، معناه: فَأُقْسِمُ بِالخُنَّسِ الجَوارِ الكُنَّسِ، يعني النجوم تَخْنِسُ بِالنَّهارِ، فَتَخْتَفِي ولا تُرَى، وَتَكْنِسُ في وقت غُرُوبِها؛ أي: تَسْتَتِرُ كما تَكْنِسُ الظَّباءُ فِي كُنُسِها، فهذا خُنُوسُها وَكُنُوسُها (٥)، وأصل الخُنُوسِ الرجُوعُ إلَى وَراءٍ، والكُنُوسُ: أنْ تَأْوِيَ إلَى مَجارِيها كما تَأْوِي الظِّباءُ إلَى مَكانِسِها، وهي المواضع التي يَأْوِي


(١) قرأ نافعٌ وابنُ ذَكْوانَ وأبو جعفر، وحفصٌ عن عاصم، ورويسٌ: "سُعِّرَتْ" بالتشديد، ورواها العليمي عن أبِي بكر عن عاصم، وقرأ عَلِيُّ بن أبِي طالب وحمزة والكسائي وابن كثير وأبو عمرو، وأبو بكر عن عاصم: "سُعِرَتْ" بالتخفيف، ينظر: السبعة ص ٦٧٣، الكشف ٢/ ٣٦٣، البحر المحيط ٨/ ٤٢٥، النشر ٢/ ٣٦٨، الإتحاف ٢/ ٥٩٢.
(٢) سورة الشعراء الآيتان ٩٠ و ٩١.
(٣) ينظر قوله في الكشف والبيان ١٠/ ١٤١، زاد المسير ٩/ ٤١، عين المعانِي ورقة ١٤٢/ ب، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٣٦.
(٤) قاله الزجاج والنحاس، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٩١، إعراب القرآن ٥/ ١٦٠.
(٥) قاله الفراء وابن قتيبة، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٤٣، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٥١٧، وينظر: تهذيب اللغة ٧/ ١٧٥، الصحاح ٣/ ٩٢٥، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>