للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد: الجماع (١)، وهذه الآية نزلت في الذين قالوا: اتخذ اللَّه ولدًا.

قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا (٢٢)} يعني السماواتِ والأرض، و"إلّا" هاهنا صفةٌ للآلهة بمعنى "غَيْرٍ" (٢)، وليس باستثناءٍ ولا ببدل (٣)، ويجوز أن يُشَبَّهَ "إلّا" بـ "غَيْرٍ" فيُوصَفَ بها، كما يجوز أن يُشَبَّه "غَيْرُ" بـ "إلّا" ويُسْتَثْنَى بِها، قال الزَّجّاج (٤): ولذلك ارتفع ما بعدها على لفظ الذي قبلها، قال الشاعر:

٥ - وكلُّ أخٍ مفارقُهُ أخوهُ... لعَمْرُ أبيكَ إلّا الفَرقَدانِ (٥)


(١) من أول قوله: "وأصل اللهو الجماع. . . " قاله ابن قتيبة بنصه في تأويل مشكل القرآن ص ١٦٣.
(٢) قال سيبويه: "هذا باب ما يكون فيه "إِلّا" وما بعده وصفًا بمنزلة "مِثْل" و"غَيْرٍ"، وذلك قوله: لو كان معنا رجلٌ إِلّا زيدٌ لَغُلِبْنا. . .، ونظير ذلك قوله عَزَّ وَجَلَّ: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا}، الكتاب ٢/ ٣٣١، ٣٣٢، وهذا قول أكثر العلماء"، ينظر: معاني القرآن للأخفش ص ١١٥، ١١٦، مجاز القرآن ١/ ١٣١، ١٥٥، إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٦٧، ٦٨، مشكل إعراب القرآن ٢/ ٨٢، التهذيب ١٥/ ٤٢٤، وذهب الفراء إلى أنها بمعنى "سِوَى"، معاني القرآن ٢/ ٢٠٠.
(٣) لا يجوز أن يكون لفظ الجلالة هنا بدلًا؛ لأنه لو كان بدلًا لكان المعنى: لو كان فيهما اللَّهُ لفسدتا، وهو باطل، ولا يجوز نصبه على الاستثناء؛ لأنه يكون المعنى: إن فساد السماوات والأرض امتنع لوجود اللَّه تعالى مع الآلهة، وفي هذا إثبات إله مع اللَّه، وهو باطل، ينظر في ذلك التبيان للعكبري ٢/ ٩١٤، ٩١٥، الدر المصون ٥/ ٧٧، ٧٨.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٣٨٨.
(٥) البيت من الوافر لعمرو بن معدي كرب، ونسب لحضرمي بن عامر -رضي اللَّه عنه-، ونُسِبَ لِسَّوارِ بن المُضَرَّبِ.
اللغة: الفرقدان: نجمان في السماء لا يغربان، وقيل: هما كوكبان قريبان من القطب.
والشاهد فيه: استعمال "إلا" بمعنى "غير".
التخريج: ديوان عمرو بن معدي كرب ص ١٧٨، الكتاب ٢/ ٣٣٤، مجاز القرآن ١/ ١٣١، =

<<  <  ج: ص:  >  >>