للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {يَاأَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦)} نعت "رِبِّكَ"، يعني: الصَّفُوح، و {مَا} استفهامٌ ابتداء، و {غَرَّكَ} الخبر، والمعنى: ما الذي أمَّنَكَ مِنْ عِقابِهِ؟، يقال: غَرَّهُ بِفُلَانٍ: إذا أمَّنَهُ المَحْذُورَ مِنْ جِهَتِهِ وهو غير مأمون، قيل: إنها نزلت في الوليد بن المغيرة، وقيل: في أُبَيِّ بن خلف، وقيل: في أبِي الأشَدَّيْنِ كَلَدةَ ابنِ أُسَيْدٍ (١).

وكان عُمَرُ بنُ الخَطّابِ -رضي اللَّه عنه- إذا قرأ هذه الآية: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦)} قال: الجَهْلُ يا رَبِّ (٢)، وقيل لِلْفُضَيْلِ بن عِياضٍ: لو أقامَكَ اللَّه يَوْمَ القيامة بين يديه، فقال: {مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (٦)}، ماذا كُنْتَ تَقُولُ؟ قال: أقول: غَرَّنِي سُتُورُكَ المُرْخاةُ (٣)، فنَظَمَهُ محمدُ بنُ السَّمّاكِ (٤) فقال:

٤٨٣ - يا كاتِمَ الذَّنْبِ أما تَسْتَحِي... واللَّه في الخَلْوةِ ثانِيكا

غَرَّكَ مِنْ رَبِّكَ إمْهالُهُ... وَسَتْرُهُ طُولَ مَساوِيكا (٥)


(١) تنظر هذه الأقوال في: شفاء الصدور ورقة ٢١٦/ ب، الوسيط ٤/ ٤٣٤، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٤٥.
(٢) ينظر قول عمر في الكشاف ٤/ ٢٢٧، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٤٥، البحر المحيط ٨/ ٤٢٨.
(٣) ينظر قوله في الكشف والبيان ١٠/ ١٤٦، الوسيط ٤/ ٤٣٥، الكشاف ٤/ ٢٢٨، زاد المسير ٩/ ٤٧، عين المعانِي ورقة ١٤٣/ أ، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٤٥، ٢٤٦.
(٤) محمد بن صُبَيْحِ بنِ السَّمّاكِ، أبو العباس العِجْلِيُّ بالولاء، الزاهدُ القدوة الصدوق سيد الوُعّاظِ، رَوَى عن الأعمش وهشام بن عروة ولَمْ يُكْثِرْ، توفِّيَ سنة (١٨٣ هـ). [حلية الأولياء ٨/ ٢٠٣ - ٢١٧، سير أعلام النبلاء ٨/ ٣٢٨ - ٣٣٠، ميزان الاعتدال ٣/ ٥٨٤].
(٥) البيتان من السريع، لابن السماك كما ذكر المؤلف.
التخريج: الكشف والبيان ١٠/ ١٤٦، الوسيط ٤/ ٤٣٥، عين المعانِي ورقة ١٤٣/ أ، تفسير القرطبي ١٩/ ٢٤٦، البحر المحيط ٨/ ٤٢٨، روح المعانِي للآلوسي ٣٠/ ٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>