للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال غيره (١): "ويْحٌ" كلمةُ رَحْمةٍ ضد {وَيْلٌ}، فإنَّها كلمة عذاب.

وقال اليَزِيدِيُّ (٢): هما بمعنًى واحدٍ، تقول: وَيْحٌ لِزَيْدٍ، وَوَيْلٌ لَهُ، ترفعهما على الابتداء، ولك أن تقول: وَيْحًا لِزَيْدٍ، وَوَيْلًا لِزَيْدٍ، فتنصبهما بإضمارِ فعلٍ، كأنك قلت: ألْزَمَهُ اللَّهُ وَيْحًا وَوَيْلًا.

قيل (٣): إن أصله: وَيْ لِفُلَانٍ؛ أي: الحُزْنُ له، فَقُرِنَ بلام الإضافة تخفيفًا.

ثم نَعَتَهُم اللَّهُ، وَذَكَرَ مَساوِئهُمْ، فقال تعالى: {الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ}؛ أي: من الناس {يَسْتَوْفُونَ (٢)} {عَلَى} هاهنا بمعنى "مِنْ"، ذَكَرَ أبو عبيدة (٤) وغيره من أهل اللغة (٥): و {عَلَى} و"مِنْ" فِي هذا الموضع يَعْتَقِبانِ {وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ (٣) أي: كالُوا لَهُمْ وَوَزَنُوا لَهُمْ، والعرب تقول: كِلْتُكَ طَعامَكَ، وَوَزَنْتُكَ حَقَّكَ، بمعنى: كِلْتُ لَكَ، وَوَزَنْتُ لَكَ، فحُذف اللامُ (٦)،


(١) حكاه الأزهري عن أبِي سعيد في تهذيب اللغة ٥/ ٢٩٥.
(٢) ينظر قوله في تهذيب اللغة ٥/ ٢٩٤، ١٣/ ١٤٤.
(٣) هذا قول الكوفيين كما تقدم قبل قليل.
(٤) مجاز القرآن ١/ ١٤.
(٥) اللفظ للفراء كما في معانِي القرآن ٣/ ٢٤٦، وهذا أيضًا، قول الزجاج وابن الأنباري والزجاجي، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٢٩٧، إيضاح الوقف والابتداء ص ١٨٩ - ١٩٠، اللامات للزجاجي ص ٢٣، وحكاه الأزهري عن الليث في تهذيب اللغة ١٠/ ٣٥٥.
وقال النحاس: "وربما تَوَهَّمَ الضعيفُ في العربية أن مَعْنَى اكْتَلْتُ عليه، واكْتَلْتُ مِنْهُ واحدٌ، وتقديرهما مختلف، فمعنى اكْتَلْتُ عَلَيْهِ: أخَذْتُ ما عليه، ومعنى اكْتَلْتُ منه: اسْتَوْفَيْتُ منه". إعراب القرآن ٥/ ١٧٤.
(٦) قاله ابن قتيبة والمبرد، ينظر: غريب القرآن لابن قتيبة ص ٥١٩، الكامل للمبرد ١/ ٣٢، ٣٧٦، ٣/ ٧٠، وقاله النقاش في شفاء الصدور ورقة ٢١٨/ ب، وحكاه الأزهري عن الليث في تهذيب اللغة ١٠/ ٣٥٥، وينظر أيضًا: الصحاح ٥/ ١٨١٤، الوسيط ٤/ ٤٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>