للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّهُ} يعني القرآن {لَقَوْلٌ فَصْلٌ (١٣)} يفصل بين الحق والباطل، وهذا جواب القسم، {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (١٤)} بالباطل واللعب، وقيل: بالكذب.

وانقطع الكلام، ثم قال: {إِنَّهُمْ} يعني كفار مكة {يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥)} بالنبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وبالمؤمنين؛ أي: يَحْتالُونَ عليهم {وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦)} يعني: يَكِيدُهُم اللَّهُ تعالى في الدنيا والآخرة، فَيُنْزِلُ بِهِمْ نِقْمَتَهُ وَعَذابَهُ، {فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ} وَعِيدٌ من اللَّه وتهديد {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (١٧)} يعني: قَرِيبًا، وقيل: قَلِيلًا أي: بعد قليل يَنْزِلُ بهم العذابُ، فَقُتِلُوا يوم بدر، ثم نُسِخَ الإمهالُ بآية السيف.

ومعنى "أمْهِلْ" و"مَهِّلْ": أنْظِرْ وَلَا تَعْجَلْ، ونصب {رُوَيْدًا} على المصدر، والرويدُ في هذا الموضع هو الإمْهالُ، وقيل: نصبه على النعت لمصدر محذوف أي: إمْهالًا رُوَيْدًا، قال ابن خالَوَيْهِ (١): "والأول أصَحُّ".

وقال صاحب إنسان العين (٢): هو حال؛ أي: رِفْقًا بِهِمْ، ويجيء أيضًا صفة نحو: سَيْرًا رُويدًا، ومصدرًا نحو: رُويدَكَ، واسمَ فِعْلٍ نحو: رُويدَ زيدا كأنها تصغير "رَوْدٍ" أو "رُودٍ"، قال الشاعر:


(١) قال ابن خالويه: "رُوَيْدًا: نصب على المصدر، والأصل: إرْوادًا، فَرُوَيْدَ تصغير إرْوادٌ". إعراب ثلاثين سورة ص ٥٣، وبه قال المرزوقي في شرح الحماسة ١/ ١٢٧.
(٢) قال السجاوندي: "رُويدًا: قَرِيبًا، "مَهِّلْ "و"أمْهِلْ" بمعنًى، وقيل: "مَهِّلْ": كُفَّ، و"أمْهِلْ": أنْظِرْهُمْ، "رُوَيْدًا" انْتِظارًا لِلْعَذابِ، قال:
رُوَيْدَكِ حَتَّى تَنْظُرِي عَمَّ تَنْجَلِي... عَمايةُ هَذا العارِضِ المُتَألِّقِ
عين المعانِي ورقة ١٤٤/ أ، هذا ما ذكره السجاوندي، وأما ما حكاه عنه المؤلف هنا فقد قاله سيبويه من قبلُ في الكتاب ١/ ٢٤١، ٢٤٣، ٢٤٤، وينظر أيضًا: المقتضب ٣/ ٢٠٨ - ٢١١، ٢٧٨ - ٢٧٧، الأصول ١/ ١٤٣، تهذيب اللغة ١٤/ ١٦٢، الصحاح ٢/ ٤٧٩، معانِي الحروف ص ١٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>