ثم قال سيبويه: "واعلم أن هذه اللام قد يجوز حذفها فِي الشعر وتعمل مضمرةً، كأنهم شَبَّهُوها بـ "أنْ" إذا أعملوها مضمرةً، وقال الشاعر: مُحَمَّدُ! تَفْدِ نَفْسَكَ كُلُّ نَفْسٍ... إذا ما خِفْتَ مِنْ شَيْءٍ تَبالَا وإنما أراد: لِتَفْدِ، وقال مُتَمِّمُ بنُ نُوَيْرةَ: عَلَى مِثْلِ أصْحابِ البَعُوضةِ فاخْمُشِي... لك الويلُ حُرَّ الوَجْهِ أوْ يَبْكِ مَنْ بَكَى أراد: لِيَبْكِ". الكتاب ٣/ ٨ - ٩. ثم قال سيبويه: "واعلم أن حروف الجزم لا تَجْزِمُ إلّا الأفعالَ، ولا يكون الجزم إلّا في هذه الأفعال المضارعة للأسماء، كما أن الجَرَّ لا يكون إلّا في الأسماء، والجزم في الأفعال نظير الجَرِّ في الأسماء، فليس للاسم في الجزم نصيبٌ، وليس للفعل في الجَرِّ نصيب، فَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُضمروا الجازم كما لَمْ يُضمروا الجارَّ". الكتاب ٣/ ٩. وقال الفراء: "وقوله: "وَتَعاوَنُوا" هو فِي موضع جزم؛ لأنها أمْرٌ، وليست بمعطوفة على "تَعْتَدُوا". معانِي القرآن ١/ ٣٠٠، وقال الفراء أيضًا: "وقوله: "قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُواْ يَغْفِرُوا" معناه في الأصل حكايةٌ بِمَنْزِلةِ الأمْرِ، كقولك: قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا اغْفِرُوا، فإذا ظهر الأمر مُصَرَّحًا فهو مجزوم لأنه أمْرٌ". معاني القرآن ٣/ ٤٥. وينظر في هذه المسألة أيضًا: المقتضب ٢/ ١٢٩، الأصول ٢/ ١٧٤، ١٧٥، شرح القصائد السبع الطوال لابن الأنباري ص ٣٨، سر صناعة الإعراب ص ٣٩١، ٣٩٢، أسرار العربية ص ٣١٧ وما بعدها، الإنصاف ص ٥٢٤ وما بعدها، مسائل خلافية في النحو ص ٨٥ - ٨٧، شرح المفصل لابن يعيش ٧/ ٦١؛ ٦٢، شرح التسهيل لابن مالك ٤/ ٦٠ - ٦٢، مغني اللبيب ص ٣٠٠.