للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم استثنى، فقال: {إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} أن تَنْساهُ، وهو ما نُسِخَ من القُرْآنِ، و {مَا} في موضع نصب على الاستثناء، أي: لَسْتَ تَنْسَى إلّا ما شاءَ اللَّهُ أنْ يُنْسِيَكَ، فَيَرْفَعُهُ مِنْ قَلْبِكَ، وقيل: إلّا ما شاءَ اللَّهُ أنْ يَرْفَعَ تِلَاوَتَهُ وَيَنْسَخَهُ بِغَيْرِ تَبْدِيلٍ، وقيل: معناه: إلا ما شاءَ اللَّهُ أنْ يُنْسِيَكَ بنَسْخِهِ مِنْ رَفْعِ تِلَاوَتهِ وَحُكْمِهِ، كما قال تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا}. . . الآية. (١)، والإنْساءُ: نَوْعٌ من النَّسْخِ (٢).

{إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ} من القول والعمل {وَمَا يَخْفَى} منهما، والمعنى: إنه يَعْلَمُ السِّرَّ والعلانية {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى (٨) أي: نُهَوِّنُ عَلَيْكَ عَمَلَ الجَنّةِ {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (٩) أي: عِظْ يا مُحَمَّدُ أهْلَ مَكّةَ بالقرآن إنْ نَفَعَت الموعظةُ والتذكيرُ، و {إِنْ} في معنى "قَدْ"؛ أي: فَذَكِّرْ قَدْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى، قال الكِسائِيُّ (٣): سَمِعْتُ العرب تقول: إنْ قامَ زَيْدٌ، وَظَنَنْتُهُ شَرْطًا، قال: فسألتُهُمْ فقالوا: نريد: قَدْ قام زيدٌ، وليس نريد: ما قام زيد.


= ١٠/ ١٠٤، ١٠٦، شرح التسهيل لابن مالك ١/ ٥٦، شرح شافية ابن الحاجب للرضي ٣/ ١٨٥، اللسان: رضي، ارتشاف الضرب ص ٢٣٨٨، البحر المحيط ٦/ ٢٤٥، المقاصد النحوية ١/ ٢٣٦، همع الهوامع ١/ ١٧٥، خزانة الأدب ٨/ ٣٥٩، ٣٦، التاج: رضي.
(١) البقرة ١٠٦.
(٢) ينظر في هذه الأقوال في كيفية الإنساء: جامع البيان ٣٠/ ١٩٢ - ١٩٣، إعراب القرآن ٥/ ٢٠٥، الوسيط ٤/ ٤٧٠، تفسير القرطبي ٢٠/ ١٨، ١٩، البحر المحيط ٨/ ٤٥٣، اللباب في علوم الكتاب ٢٠/ ٢٧٩.
(٣) قول الكسائي ذكره النقاش في شفاء الصدور ورقة، وحكاه أبو عمر الزاهد عن ثعلب في ياقوتة الصراط ص ٥٧١، وينظر: الأضداد لابن الأنباري ص ١٨٩، ١٩٠، تهذيب اللغة ١٥/ ٥٦٨، إعراب ثلاثين سورة ص ٥٩، اللسان: أنن.

<<  <  ج: ص:  >  >>