للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو نصبٌ على الحال (١)، و {وَذِكْرًا لِلْمُتَّقِينَ (٤٨)} عطفٌ عليه؛ أي: أنهم يذكرونه، ويعملون بما فيه، ويتَّعظون بمواعظه، وقيل (٢): هو من صفة التوراة، مثلَ قوله: {فِيهَا هُدًى وَنُورٌ} (٣)، والمعنى: أنهم استضاءُوا بها حتى اهتدَوْا في دينهم، وقيل (٤): معناه: وجَعَلناها ضياءً، وأراد بالفُرقان: فَرْق البحر أو النَّصر أو اليد أو التوراة.

قوله تعالى: {وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ (٥٧)} الكيد: المكر، يقال: كادَهُ يَكِيدُهُ كَيْدًا ومَكِيدةً، والمكرُ هو: الاحتيال والخديعة، ونصب "مُدْبِرِينَ" على الحال.

قوله: {فَجَعَلَهُمْ} يعني: الأصنام {جُذَاذًا} الجَذُّ: القَطْعُ والكَسْرُ، والجُذاذُ: قِطَعُ ما كُسِّرَ، الواحدة: جُذاذةٌ، وهو مثل الحُطامِ والرُّفاتِ والدُّقاقِ، وقَرَأ الكِسائيُّ بكسر الجيم (٥) على أنه جَمْعُ جَذِيذٍ، مثل: ثقيل وثِقالٍ، وخفيف


= إعراب القرآن للنحاس ٣/ ٧٢، ٧٣، الإنصاف ص ٤٥٦، شرح الكافية للرضي ٤/ ٤١٦، ٤١٧، خزانة الأدب ١١/ ٤٣ - ٤٥.
(١) هذا على أن الواو زائدة، وأما على مذهب البصريين قالواو عاطفة، و {ضِيَاءً} معطوف على {الْفُرْقَانَ} الذي هو مفعول ثانٍ لـ {آتَيْنَا}، ينظر: معاني القرآن للفراء ٢/ ٢٠٥، البيان للأنباري ٢/ ١٦٣، الدر المصون ٥/ ٩١.
(٢) قاله الواحدي في الوسيط ٣/ ٢٤١، وهذا راجع إلى رأي البصريين في أن الواو عاطفة، ومعنى قوله: "هو من صفة التوراة" أنه من باب عطف الصفات، ينظر: معانِي القرآن وإعرابه ٣/ ٣٩٤، ٣٩٥، وقال السمين الحلبي: "يجوز أن يكون من باب عطف الصفات، فالمراد به شيء واحد، أي: آتيناه الجامع بين هذه الأشياء". الدر المصون ٥/ ٩١.
(٣) المائدة ٤٤.
(٤) أي: أن {ضِيَاءً} مفعول بفعل محذوف، وهذا أيضًا يتوجه على رأي البصريين.
(٥) وبها قرأ أيضًا الأعمشُ في روايةٍ عنه، وابنُ محيصن وابنُ مقسم وأبو حيوة وحميدٌ وابنُ =

<<  <  ج: ص:  >  >>