للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العامة بالتخفيف، وهما لغتان، وكان أبو عمرو يقول (١): "قَدَرَ" بمَعْنَى "قَتَرَ"، و"قَدَّرَ" هو أن يُعْطِيَهُ ما يَكْفِيهِ.

ثم رَدَّ اللَّه على هذا الكافر، فقال: {كَلَّا}؛ أي: لَيْسَ الأمْرُ كما يَظُنُّ، أي: لَمْ أبْتَلِهِ بالغِنَى لكرامته عَلَيَّ، وَلَمْ أبْتَلِهِ بالفَقْرِ لِهَوانِهِ، فإن اللَّه يُوَسِّعُ على الكافر لا لَكَرامَتِهِ، ويُقَتِّرُ على المُؤْمِنِ لا لِهَوَانِهِ، كما رَوَى عبدُ اللَّه بن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: سَمِعْتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "إنَّ اللَّهَ يُعْطِي الدُّنْيا مَنْ أحَبَّ وَمَنْ لَا يُحِبُّ، وَلَا يُعْطِي الدِّينَ إلّا مَنْ أحَبَّ، فَمَنْ أعْطاهُ اللَّهُ الدِّينَ فَقَدْ أحَبَّهُ" (٢).

ثم أخْبَرَ عن الكفار، فقال: {بَلْ لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ (١٧) أي: لا تَبَرُّونَهُ، وَلَا تُحْسِنُونَ إلَيْهِ {وَلَا تَحَاضُّونَ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (١٨) أي: لا تأمرون بإطعامه، ومن قرأ: "تَحاضُّونَ" بألفٍ أراد: تتَحاضُّونَ، فحذف التاء، والمعنى: لَا يَحُضُّ بَعْضُكُمْ بَعْضًا {وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ} يعني الميراث {أَكْلًا لَمًّا (١٩)} يعني: شَدِيدًا؛ أي: تَلُمُّونَ جَمِيعَهُ في الأكْلِ، يقال: لَمَمْتُ الشَّيْءَ وَألْمَمْتُهُ: إذا أتَيْتَ على آخِرِهِ (٣)، وأصل التُّراثِ: الوِراثُ، فأبدلوا من الواو المضمومة تاءً.


(١) قول أبِي عمرو حكاه الأخفش عن بعضهم بغير عزو في معانِي القرآن ص ٥٣٧، والنقاش في شفاء الصدور ورقة ٢٣٨/ أ، وينظر: الكشف والبيان ١٠/ ٢٠٠، تفسير القرطبي ٢٠/ ٥١، اللباب في علوم الكتاب ٢٠/ ٣٢٦.
(٢) رواه الإمام أحمد في المسند ١/ ٣٨٧، والحاكم في المستدرك ١/ ٣٣ كتاب الإيمان: باب "إن اللَّه لا يعطي الإيمان إلا مَنْ يحب"، ٢/ ٤٤٧ كتاب التفسير: سورة الزخرف.
(٣) قاله أبو عبيدة وابن قتيبة، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٩٨، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٥٢٧، وينظر أيضًا: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٧٨، تهذيب اللغة ١٥/ ٣٤٤، تفسير القرطبي ٢٠/ ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>