للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: {وَتُحِبُّونَ الْمَالَ} يعني جَمْعَ المالِ {حُبًّا جَمًّا (٢٠)} يعني: كثيرًا شديدًا، يقال: جَمَّ الماءُ فِي الحَوْضِ: إذا كَثُرَ واجْتَمَعَ، ومنه: جَمّةُ السَّفِينةِ (١)، قرأ أهل البصرة: "تُحِبُّونَ" وما قبله بالياء في الأربعة كُلِّها، وقرأها الآخرون بالتاء، وقرأ أبو جعفر وأهل الكوفة: {تَحَاضُّونَ} بالألف وفتح التاء، وَرُوِيَ عن الكِسائِيِّ: "تُحاضُّونَ" بضم التاء، وقرأ الباقون: "تَحُضُّونَ" بغير ألف (٢).

وقوله تعالى: {كَلَّا}؛ أي: لا يفعلون ما أُمِرُوا به مِنْ إكْرامِ اليَتِيمِ والحَضِّ على طعام المسكين.

ثم خَوَّفَهُمْ، فقال: {إِذَا دُكَّتِ الْأَرْضُ دَكًّا دَكًّا (٢١)} يعني: مَرّةً بَعْدَ مَرّةٍ، فَتَكَسَّرَ كُلُّ شَيْءٍ على ظَهْرِها، وَدُقَّتْ جِبالُها وَأنْشازُها حَتَّى اسْتَوَتْ مَعَ وَجْهِ الأرض (٣) {وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا (٢٢)} يعني: جاءَ أمْرُهُ وَقَضاؤُهُ وَظُهُورُ قُدْرَتهِ؛ لأنه -سبحانه- لا يُوصَفُ بِتَحَوُّلٍ مِنْ مَكانٍ إلَى مَكانٍ، وقوله: {وَالْمَلَكُ


(١) جَمّةُ المَرْكَبِ البَحْرِيِّ: الموضع الذي يجتمع فيه الماءُ الرّاشِحُ من حُزُوزِهِ. اللسان: جمم.
(٢) قرأ أبو عمرو ويعقوبُ واليَزِيدِيُّ والحَسَنُ ومجاهدٌ وأبو رجاء وقتادة والجَحْدَرِيُّ: {يُكْرِمُونَ} و {يَحُضُّونَ} و {يَأْكُلُونَ} و {يُحِبُّونَ} بالياء فيها جميعًا، وقرأ هؤلاء: "يَحُضُّونَ} بغير ألف، وقرأ غيرهم بالتاء، وقرأ ابن كثير ونافع وابن عامر: {تَحُضُّونَ} بغير ألف، وقرأ عاصم وحمزة والكسائي وأبو جعفر وخلف: {تَحاضُّونَ} بفتح التاء وبالألف، وَرَوَى الشَّيْزَرِيُّ عن الكسائي: {تُحاضُّونَ} بضم التاء، وهي قراءة ابن مسعود وزيد بن عَلِيٍّ وابنِ المبارك وابن مُحَيْصِنٍ، ينظر: السبعة ص ٦٨٥، البحر المحيط ٨/ ٤٦٦، الإتحاف ٢/ ٦٠٨ - ٦٠٩.
(٣) قاله ابن قتيبة في غريب القرآن ص ٥٢٧، وينظر: غريب القرآن للسجستاني ص ١٧٨، تفسير القرطبي ٢٠/ ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>