للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ (٥)} يعني أبا الأشَدَّيْنِ (١)، وهو رجل من بَنِي جُمَحَ، كان قَوِيًّا شَدِيدَ الخَلْقِ، يقول اللَّهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: يَظُنُّ مِنْ شِدَّتِهِ أنْ لَنْ يَقْدِرَ عليه اللَّهُ، فلا يُعاقِبُهُ.

ثم أخْبَرَ عن مقالة هذا الإنسان، فقال: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالًا لُبَدًا (٦)} وهو المال الكثير بَعْضُهُ على بَعْضٍ (٢)، ومعناه: أهْلَكْتُ في عَداوةِ محمدٍ مالًا كثيرًا (٣)، قال اللَّه تعالى: {أَيَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ (٧) أي: أيَظُنُّ أنَّ اللَّه لَمْ يَرَهُ ولا يَسْألُهُ عن ماله من أيْنَ اكْتَسَبَهُ وَأيْنَ أنْفَقَهُ؟

ثم ذَكَّرَهُ النِّعَمَ لِيَعْتَبرَ، فقال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ (٨) وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ (٩)} ذَكَّرَ اللَّهُ تعالَى الإنْسانَ النِّعَمَ التي أنْعَمَ بها عليه لِيَعْتَبِرَ ويشْكُرَ، ثم قال: {وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ (١٠)} النَّجْدُ: طَرِيقٌ في ارتفاعٍ، قال الشاعر:

٥١٥ - غَداةَ غَدَوْا فِتْيانُكُمْ بَطْنَ نَخْلةٍ... وَآخَرُ مِنْهُمْ جازِعٌ بَطْنَ كبْكَبِ (٤)


= التخريج: ديوانه ص ٩١، المفضليات ص ١٦٣، إعراب القرآن ٥/ ٢٢٩، الأغانِي ٣/ ٩، أمالِيُّ القالِي ١/ ٢٥٦، شرح المفضليات للتبريزي ص ٦٠٠، المحرر الوجيز ٥/ ٤٨٤، منتهى الطلب ٣/ ٦٥، البحر المحيط ٨/ ٤٦٨، الدر المصون ٦/ ٥٢٥، اللباب في علوم الكتاب ٢٠/ ٣٤٢، فتح القدير ٥/ ٤٤٣.
(١) تقدم ذكره ص ١٢٦٠ - ١٢٦١.
(٢) قاله أبو عبيدة وابن قتيبة والنقاش، ينظر: مجاز القرآن ٢/ ٢٩٩، غريب القرآن لابن قتيبة ص ٥٢٨، شفاء الصدور ورقة ٢٤٠/ ب، وينظر: زاد المسير ٩/ ١٣٠، المعانِي ورقة ١٤٥/ أ.
(٣) قاله الكلبي ومقاتل والفراء، ينظر: معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٦٤، الوسيط ٤/ ٤٨٩، زاد المسير ٩/ ١٣١، عين المعانِي ورقة ١٤٥/ أ.
(٤) البيت من الطويل، لامرئ القيس، ولا شاهد فيه على هذه الرواية التي أوردها المؤلف؛ لأنه يستشهد على معنى النَّجْدِ، أما رواية الديوان، والتي هي شاهد على ما يريده المؤلفُ، فهي قوله:
فَرِيقانِ مِنْهُمْ جازِعٌ بَطْنَ نَخْلةٍ... وَآخَرُ مِنْهُمْ قاطِعٌ نَجْدَ كَبْكَبِ =

<<  <  ج: ص:  >  >>