للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى اللَّه عليه وسلم-: "إنَّما أنا لَكُمْ مِثْلُ الوالِدِ أُعَلِّمُكُمْ" (١)، وقيل (٢): أرادَ كُلَّ والِدٍ وَمَوْلُودَهُ.

ثم ذكر جواب القَسَمِ، فقال تعالى: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ (٤)} يعني: مُنْتَصِبًا قائمًا على قدميه، قال ابن عباس (٣): خُلِقَ كُلُّ شَيْءٍ عَلَى الأرْضِ عَلَى أرْبَعةٍ إلّا الإنْسانَ، فإنه خُلِقَ مُنْتَصِبًا قائِمًا عَلَى رِجْلَيْنِ.

والكَبَدُ: الاسْتِواءُ والاسْتِقامةُ، وقيل (٤): معنى {فِي كَبَدٍ}؛ أي: في نَصَبٍ يُكابِدُ مَصائِبَ الدُّنْيا وشدائد الآخرة، قال ذو الإصْبَعِ العَدْوانِيُّ (٥):

٥١٤ - لِيَ ابْنُ عَمٍّ لَوَانَّ النّاسَ فِي كَبَدٍ... لَظَلَّ مُحْتَجِرًا بِالنَّبْلِ يَرْمِيني (٦)


= وحكاه القرطبي عن الماوردي في الجامع لأحكام القرآن ٢٠/ ٦٢.
(١) هذا جزء من حديث رواه الإمام أحمد بسنده عن أبِي هريرة في المسند ٢/ ٢٥٠، والدارمي في سننه ١/ ١٧٢ كتاب الصلاة والطهارة: باب الاستنجاء بالأحجار، وابن ماجه في سننه ١/ ١١٤ كتاب الطهارة: باب الاستنجاء بالحجارة.
(٢) قاله ابن عباس والزجاج، ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٥/ ٣٢٧، الكشاف ٤/ ٢٥٥، زاد المسير ٩/ ١٢٨، عين المعانِي ورقة ١٤٥/ أ، مجمع البيان ١٠/ ٣٦٢.
(٣) ينظر قوله في الكشف والبيان للثعلبي ١٠/ ٢٠٧، الوسيط للواحدي ٤/ ٤٨٨.
(٤) قاله عطاء والحسن وقتادة، ينظر: جامع البيان ٣٠/ ٢٤٦، معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٢٨، إعراب القرآن ٥/ ٢٢٨، الكشف والبيان ١٠/ ٢٠٧، عين المعانِي ورقة ١٤٥/ أ، مجمع البيان للطبرسي ١٠/ ٣٦٢، تفسير القرطبي ٢٠/ ٦٢.
(٥) هو حُرْثانُ بن الحارث بن مُحَرِّثِ بن ثعلبة، وقيل: حُرْثانُ بن عَمْرٍو، من عَدْوانَ، شاعر جاهلي حكيم شجاع، لُقِّبَ بذِي الإصْبَعِ لأن حَيّةً نَهَشَتْ إصْبَعَ رِجْلِهِ فَقَطَعَها، وقيل: كانت له إصْبَعٌ زائدةٌ، عاش طويَلًا وله حروب ووقائع وأخبار، وشعره مَلِيءٌ بالحكمة والعظة والفخر. [الشعر والشعراء ص ٧١٢ - ٧١٣، الأعلام ٢/ ١٧٣].
(٦) البيت من البسيط، لذي الإصبع العدواني يصف خلافًا بينه وبين ابنِ عَمٍّ له، ورواية ديوانه: "ولي ابْنُ عَمٍّ".
اللغة: الكَبَدُ: الشدة والمشقة، المُحْتَجِزُ: الذي يَشُدُّ وسطه بثوب أو نحوه. =

<<  <  ج: ص:  >  >>