للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجْمَعِينَ (٧٧)} قيل: مَنَعْناهُ من القوم الذين كذَّبوا بآياتنا (١)، وقيل: "مِن" هاهنا بمعنى "عَلَى" (٢) أي: ونصرناه على القوم، نَصْب "أجمعين" لأنه توكيدٌ للمضمر، وهو الهاء والميم، وهما في موضع نصب.

قوله تعالى: {وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ}؛ أي: واذكُرْ يا محمدُ داودَ وسليمانَ {إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ} قيل: كان الحرث زرعًا، وقيل: كان كَرْمًا قد نَبَتَتْ عناقيدُهُ وتَدَلَّتْ {إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ}؛ أي: رَعَتْهُ ليلًا فأفسدته، والنَّفَشُ: بالليل، والهَمَلُ: بالنهار، وهما الرَّعْيُ بلا راعٍ.

"ولم ينصرفْ داودُ لأنه اسمٌ أعجميٌّ لا يَحسُن فيه الألف واللام، ولم ينصرف سُليمانُ لأنّ في آخِره ألفا ونونًا زائدتَيْن" (٣).

قوله: {وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (٧٨)} يعني: داودَ وسُليمانَ وأصحابَ الغنم وصاحبَ الكَرْم (٤)، وقال الفراء (٥): إنما جَمَع اثنَيْنِ فقال: {لِحُكْمِهِمْ}


(١) هذا على رأي البصريين، وهو أن {نَصَرْنَا} ضُمِّنَ معنى "مَنَعْنا"، لأنهم لا يجيزون نيابة حروف الخفض بعضها عن بعض، ينظر: الكشاف ١/ ٥٧٩، التبيان للعكبري ص ٩٢٣، البحر المحيط ٦/ ٣٠٦، المساعد ٢/ ٢٤٨، الدر المصون ٥/ ١٠١.
(٢) هذا على رأي الكوفيين والأخفش وابن قتيبة وكثير من المتأخرين في أن حروف الخفض ينوب بعضها عن بعف، ينظر: معاني القرآن للأخفش ص ٤٦، تأويل مشكل القرآن ص ٥٧٧، تفسير القرطبي ١١/ ٣٠٧، البحر المحيط ٦/ ٣٠٦، المساعد ٢/ ٢٤٨، وقد قرأ أُبَيٌّ: {وَنَصَرْنَاهُ مِنَ الْقَوْمِ}، مفاتيح الغيب ٢٢/ ١٩٤.
(٣) من أول قوله: "وَلَمْ ينصرف داود" إلى هنا قاله النحاس في إعراب القرآن ٣/ ٧٥.
(٤) أي: أن الضمير عائد إلى جمع، وهذا رأي الطبري والكرمانِي، ينظر: جامع البيان ١٧/ ٦٧، غرائب التفسير وعجائب التأويل للكرمانِي ١/ ٧٤٤، وينظر أيضًا: الكشاف ١/ ٥٧٩، زاد المسير ٥/ ٣٧١.
(٥) معاني القرآن ٢/ ٢٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>