للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو يريد داودَ وسُليمان؛ لأنّ الاثنَيْنِ جمع، وهو مثل قوله: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ} (١) وهو يريد أخوَيْنِ.

وقوله: {شَاهِدِينَ}؛ أي: لم يغب عنا من أمرهم شيء.

قوله: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} يعني: الحكومة، كُنِّي عنها لأنه سَبَق ما يدلُّ عليها من ذكر الحُكم. {وَكُلًّا آتَيْنَا} يعني: داودَ وسليمان {حُكْمًا} نبوةً {وَعِلْمًا} بأمور الدين، ونصب {وَكُلًّا} بـ {آتَيْنَا}.

قوله: {وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ} التقدير: وسخَّرنا الجبالَ يسبِّحن مع داود، وهو أنه كان إذا وَجَد فترةً أَمَرَ الجبالَ فسبَّحت حتى يشتاق هو فيسبح، وقال وَهْب (٢): كانت الجبال تجاوبه بالتسبيح، وكذلك الطير.

قوله: {وَالطَّيْرَ} معطوفٌ على الجبال، ويجوز أن يكون بمعنى: مع الطير، كما تقول: التقى الماءُ والخشبةَ (٣)، قال الزَّجّاج (٤): ويجوز: {وَالطَّيْرَ} بالرفع بمعنى: يسبِّحن هن والطيرُ.


(١) النساء ١١.
(٢) وهب بن منبه بن كامل الأبناوي الصنعاني الذماري أبو عبد اللَّه، مؤرخ كثير الإخبار عن الكتب القديمة، ويُعَدُّ في التابعين، أصله من أبناء الفرس الذين بعث بهم كسرى إلى اليمن، ولد بصنعاء وَوَلَّاهُ عُمَرُ بن عبد العزيز قضاءها، وتوفِّي بها سنة (١١٤ هـ). [سير أعلام النبلاء ٤/ ٥٥٧ - ٥٤٤، الأعلام ٨/ ١٢٥].
(٣) من أول قوله: "معطوف على الجبال. . . " قاله النحاس بنصه في إعراب القرآن ٣/ ٧٥، ٧٦.
(٤) معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤٠٠، ومعنى كلام الزجاج أنه مرفوع بالعطف على الضمير المرفوع المستتر في {يُسَبِّحْنَ}، وهذا يجوز على رأي الكوفيين، وأما البصريون فإنهم يجيزونه على قبح في ضرورة الشعر، ينظر: الإنصاف ص ٤٧٤ - ٤٧٨، وقد قرأ بعضهم: {وَالطَّيْرَ} بالرَّفع، البحر المحيط ٦/ ٣٠٧، الدر المصون ٥/ ١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>