للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم قال: {وَكُنَّا فَاعِلِينَ (٧٩) أي: نَقْدِرُ على ما نريد.

قوله تعالى: {وَلِسُلَيْمَانَ الرِّيحَ}؛ أي: وسخَّرنا لسليمان الريحَ {عَاصِفَةً (٨١)} يعني: شديدةَ الهبوب، قال ابن عباس: إنْ أَمَرَ الرِّيحَ أَنْ تَعْصِفَ عَصَفَتْ، فإذا أراد أن تُرْخِيَ أَرْخَتْ، وذلك قوله: {رُخَاءً حَيْثُ أَصَابَ} (١). ونَصْب {عَاصِفَةً}: على الحال (٢).

والرِّيح: هواءٌ مُحَرِّكٌ، وهو جسمٌ لطيفٌ ممتنع بلُطْفِهِ من القبض عليه، وتَظْهَرُ لِلْحِسِّ حَرَكتُهُ، وهو يُذَكَّرُ ويُؤَنَّثُ (٣).

قوله تعالى: {وَأَيُّوبَ}؛ أي: واذكُرْ أيوب {إِذْ نَادَى رَبَّهُ}؛ أي: دعا ربه {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ}؛ أي: أصابني الجَهْد {وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣)} أكثرهم رحمةً {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ} يريد: الأوجاع {وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} نَصْبٌ علي المصدر، وقيل (٤): على المفعول من


(١) ص ٣٦.
(٢) والعامل فيها فعل مقدر، أي: سخرنا الريح حالط كونها عاصفةً، ينظر: معاني القرآن وإعرابه ٣/ ٤٠٠، التبيان للعكبري ص ٩٢٤.
(٣) ينظر: المذكر والمؤنث للفراء ص ٨٧، المذكر والمؤنث للسجستاني ص ٤١، ١٦٩، المذكر والمؤنث لابن التستري ص ٥١، ٧٨، المذكر والمؤنث لابن الأنباري ١/ ٢٥٦، غير أن الفراء قال: "والرياح كلها إناث، قال: أنشدني بعض بني أسد:
كَمْ مِنْ جِرابٍ عَظِيمٍ جِئْتَ تَحْمِلُهُ... ودُهْنةٍ ريحُها يَغْطِي عَلَى التَّفَلِ
قال: أنشدنيه عِدّةٌ من بني أسد كلهم يقول: "يَغْطِي" فَيُذَكِّرُونَهُ، وكأنهم اجترأوا على ذلك، إِذْ كانت الريح ليس فيها هاء، وربما ذُهِبَ بالريح إلى الأَرَجِ والنشر"، المذكر والمؤنث ص ٨٧، وقال ابن التستري: "فإن ذَكَّرَها شاعر للضرورة فإنما يذهب بها إلى النَّشْرِ، وهو فَغًا لا يجوز في تصاريف الكلام"، المذكر والمؤنث لابن التستري ص ٧٩، والفَغا: الرديء من كل شيء.
(٤) قاله الفراء في معاني القرآن ٢/ ٢٠٩، وينظر: التبيان للعكبري ص ٩٢٤، البحر المحيط ٦/ ٣١٠، الدر المصون ٥/ ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>