للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَنَحْوَ هذا قال الزَّجّاجُ (١): ذَكَرَ العُسْرَ مع الألف واللام، ثُمَّ ثَنَّى ذِكْرَهُ فصار المعنى: إنَّ مَعَ العُسْرِ يُسْرَيْنِ.

قرأ العامة بتخفيف السين، وقرأ أبو جعفر وعيسى بنُ عُمَرَ بضمهما (٢)، وفي حرف عبد اللَّه: {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} مَرّةً واحدةً غَيْرَ مُكَرَّرةٍ (٣)، والمعنى: إنَّ مَعَ العُسْرِ فِي الدنيا لِلْمُؤْمِنِ يُسْرًا في الآخرة، وربما اجتمع له اليُسْرانِ مَعًا: يُسْرُ الدنيا، وهو ما ذَكَرَهُ اللَّه تعالَى في الآية الأُولَى، ويُسْرُ الآخِرةِ، وهو ما ذَكَرَهُ في الآية الثانية لقوله -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَنْ يَغْلِبَ عُسْرٌ يُسْرَيْنِ" (٤)؛ أي: يُسرُ الدُّنْيا والآخِرةِ. والعُسْرُ بَيْنَ يُسْرَيْنِ إمّا فَرَجٌ فِي الدنيا، وإما ثَوابٌ فِي الآخِرةِ (٥).

وَرُوِيَ عن العُتْبِيِّ (٦) أنه قال: كُنْتُ ذات يوم في البادية بحالةٍ من الغَمِّ، فَأُلْقِيَ في رُوعِي (٧) بَيْتُ شِعْرٍ، فقلتُ:


(١) معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٤١.
(٢) وهي أيضًا، قراءة ابن وثاب وأبِي عمرو، ينظر: إعراب القراءات السبع ٢/ ٥٠١، البحر المحيط ٨/ ٤٨٤، النشر ٢/ ٢١٦.
(٣) قراءة عبد اللَّه بن مسعود في معانِي القرآن للفراء ٣/ ٢٧٥، الكشف والبيان ١٥/ ٢٣٤.
(٤) هذا جزء من حديث رواه الحاكم بسنده عن عُمَرَ وَعَلِيٍّ في المستدرك ٢/ ٣٠١، ٥٢٨ كتاب التفسير: سورة آل عمران، وسورة "ألَمْ نَشْرَحْ"، وينظر: المصنف لابن أبِي شيبة ٤/ ٥٨٩، ٨/ ٣٧.
(٥) حكاه الواحدي عن صاحب النظم في الوسيط ٤/ ٥١٩، وينظر: زاد المسير ٩/ ١٦٤.
(٦) هو محمد بن عُبَيْدِ اللَّه بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عُتْبةَ بن أبِي سفيان بن أبِي حرب، أبو عبد الرحمن الأموي، كان صاحب أخبار وروايةً للآداب ومن أفصح الناس، قدم بغداد وحدث بها، توفِّي سنة (٢٢٨ هـ). [معجم الشعراء ص ٣٥٦، طبقات الشعراء ص ٣١٤، الأعلام ٦/ ٢٥٩].
(٧) الرُّوعُ: القَلْبُ؛ لأنه موضع الرَّوْعِ، وهو الفَزَعُ. اللسان: روع.

<<  <  ج: ص:  >  >>