للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَسَنٌ، وقال غيره (١): كل واحد من {أَرَأَيْتَ} بَدَلٌ من الأول، و {أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى} خَبَرٌ عن هذا كُلِّهِ؛ لأن هذا من التكذيب.

قوله: {أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى (١٢)} يعني: بالإيمان والإخلاص للَّهِ تعالَى بالتوحيد، يعني: أرَأيْتَ إنْ كان محمد كذلك تَمْنَعُهُ وَتَنْهاهُ مُقَبِّحًا له فِعْلَهُ؟ {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ} يعني أبا جهل {وَتَوَلَّى (١٣)} أعْرَضَ عن الإيمان باللَّه ورسوله {أَلَمْ يَعْلَمْ} يعني أبا جهل {بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى (١٤) أي: يَراهُ على ما هو عليه من الكفر والتكذيب والجهالة، قال الحسين بن خالويه (٢): والهمزة في {أَلَمْ} همزة توبيخ وتقرير بلفظ الاستفهام، و"لَمْ" حرف جزم.

ثم خَوَّفَهُ فقال -تعالَى-: {كَلَّا} زَجْرًا له وَرَدْعًا {لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ} عن محمد -صلى اللَّه عليه وسلم- وَأذاهُ {لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ (١٥) أي: لَنَجْذِبَنَّ بِناصِيَيهِ، وهو شَعَرُ مُقَدَّمِ رَأْسِهِ، وهو شرط وجزاء، واللام فِي الموضعين لام توكيد، والسَّفْعُ: الجَذْبُ الشديد، يقال: سَفَعْتُ بِالشَّيءِ: إذا أخَذْتَهُ وَجَذَبْتَهُ جَذْبًا شَدِيدًا (٣)، قال الشاعر:

٥٣٤ - قَوْمٌ إذاسَمِعُوا الصُّراخَ رَأيْتَهُمْ... مِنْ بَيْنِ مُلْجِمِ مُهْرِهِ أوْ سافِعِ (٤)

والمعنى: لَنَجُرَّنَّ بِناصِيةِ أبِي جَهْلٍ إلَى النار.


(١) يعني أن {أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى} و {أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} بدل من قوله: {أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى}، وهذا القول حكاه النقاش بغير عزو في شفاء الصدور ٢٥١/ ب، وينظر: تفسير القرطبي ٢٠/ ١٢٥.
(٢) هذا النص قاله ابن خالويه في أكثر من موضع من كتابه إعراب ثلاثين سورة، منها مثلًا: ص ٧٥، ٩٠، ١١٩، ١٢٤.
(٣) قاله الزجاج في معانِي القرآن وإعرابه ٥/ ٣٤٥، وينظر: غريب القرآن للسجستانِيِّ ص ١٨١.
(٤) البيت من الكامل، لِحُمَيْدِ بن ثَوْرٍ، وَنُسِبَ لِعَمْرِو بنِ مَعْدِي كَرِبٍ، وهو في ديوانه أيضًا، ويُرْوَى: "الصَّرِيخَ" مكان "الصُّراحَ". =

<<  <  ج: ص:  >  >>